إليك أمير المؤمنين المبجّلا |
|
أتينا نجدّ السير نحوك في الفلا |
فجئت محلا من علائك زائرا |
|
ومغناك كهف للزيارة أهّلا |
فلو انّ فوق الشّمس للمجد رتبة |
|
لكنت لأعلاها إماما مؤهّلا |
فانت الإمام الماجد الا وحد الذي |
|
سجاياه حتما أن يقول ويفعلا! |
ولي حاجة من فيض جودك أرتجي |
|
قضاها ، وقصدي عند مجدك سهّلا |
أأذكرها أم قد كفاني حياؤكم |
|
فانّ حياكم ذكره كان أجملا! |
فعجّل لمن وافى محلّك زائرا |
|
قضا دينه ، إنّ الغريم تعجّلا!! |
فقدّمتها بين يديه ، وهو قاعد على كرسيّ ، فجعلها على ركبته ، وأمسك طرفها بيده وطرفها الثاني بيدي وكنت إذا أكملت بيتا منها أقول لقاضي القضاة كمال الدين الغزنويّ : بيّن معناه لخوند عالم! فيبيّنه ويعجب السلطان ، وهم يحبّون الشعر العربيّ ، فلمّا بلغت إلى قولي : فعجّل لمن وافى ، البيت قال : مرحمة ، ومعناه ترحّمت عليك ، فأخذ الحجّاب حينئذ بيدي ليذهبوا بي إلى موقفهم ، وأخدم على العادة ، فقال السلطان : اتركوه حتّى يكملها ، فاكملتها وخدمت وهنّأني الناس بذلك واقمت مدّة وكتبت رفعا ، وهم يسمونه عرض داشت ، فدفعته إلى قطب الملك صاحب السّند ، فدفعه للسلطان ، فقال له : امض إلى خواجة جهان ، فقل له يعطي دينه ، فمضى إليه وأعلمه ، فقال : نعم ، وأبطأ ذلك أيّاما ، وأمره السلطان في خلالها بالسفر إلى دولة آباد ، وفي أثناء ذلك خرج السلطان إلى الصيد وسافر الوزير فلم آخذ شيئا منها الّا بعد مدة ، والسبب الذي توقّف به عطاؤها أذكره مستوفى وهو انّه لمّا عزم الذين كان لهم عليّ الدين على السفر ، قلت لهم : إذا أنا أتيت دار السلطان فدرهوني على العادة في تلك البلاد ، لعلمي أن السلطان متى يعلم بذلك خلّصهم ، وعادتهم أنّه متى كان لأحد دين على رجل من ذوي العناية وأعوزه خلاصه وقف له بباب دار السلطان ، فإذا أراد الدّخول قال له : دروهي السلطان (١٠٥) ، وحقّ رأس السلطان ، ما تدخل حتّى تخلّصني ، فلا يمكنه أن يبرح من مكانه حتّى يخلّصه أو يرغب إليه في تأخيره!
فاتّفق يوما أن خرج السلطان إلى زيارة قبر أبيه ونزل بقصر هنالك ، فقلت لهم : هذا وقتكم ، فلمّا اردت الدخول وقفوا لي بباب القصر ، فقالوا لي : دروهي السلطان ، ما تدخل حتّى تخلّصنا! وكتب كتّاب الباب بذلك إلى السلطان فخرج حاجب قصّة ، شمس الدين وكان من كبار الفقهاء فسألهم : لأي شيء درهتموه؟ فقالوا : لنا عليه الدين ، فرجع إلى السلطان فأعلمه بذلك ، فقال له : اسألهم كم مبلغ الدين؟ فسألهم ، فقالوا له خمسة وخمسون ألف
__________________
(١٠٥) الكلمة تعني التوسل للسّلطان حتى ينصف المظلوم ، دروهاي تعني العدل ...