يسمى اليساق (٥٨) ، بفتح الياء آخر الحروف والسين المهمل وآخره قاف ، وعندهم أنّه من خالف أحكام هذا الكتاب فخلعه واجب ، ومن جملة أحكامه أنهم يجتمعون يوما في السنة يسمونه الطّوّي (٥٩) ومعناه يوم الضيافة ، ويأتي أولاد تنكيز والأمراء من أطراف البلاد ويحضر الخواتين وكبار الأجناد ، وإن كان سلطانهم قد غير شيئا من تلك الأحكام ، يقوم إليه كبراؤهم فيقولون له : غيّرت كذا وغيرت كذا وفعلت كذا وقد وجب خلعك ، ويأخذون بيده ويقيمونه عن سرير الملك ويقعدون غيره من أبناء تنكيز ، وان كان أحد الأمراء الكبار أذنب ذنبا في بلاده حكموا عليه بما يستحقه!!
وكان السلطان طرمشيرين قد أبطل حكم هذا اليوم ومحا رسمه فأنكروه عليه أشد الانكار، وأنكروا عليه أيضا كونه أقام أربع سنين فيما يلي خراسان من بلاده ، ولم يصل إلى الجهة التي توالي الصين ، والعادة أنّ الملك يقصد تلك الجهة في كلّ سنة فيختبر أحوالها وحال الجند بها لأن أصل ملكهم منها ، ودار الملك هي مدينة المالق (٦٠) ، فلما بايعوا بوزن أتى في عسكر عظيم وخاف طرمشيرين على نفسه من أمرائه ولم يأمنهم فركب في خمسة عشر فارسا يريد بلاد غزنة ، وهي من عمالته ، وواليها كبير أمرائه وصاحب سرّه برنطيه ، وهذا الأمير محبّ في الاسلام والمسلمين قد عمر في عمالته نحو أربعين زاوية فيها الطعام للوارد والصادر وتحت يده العساكر العظيمة ولم أر قط فيمن رأيته من الآدميّين بجميع بلاد الدنيا أعظم خلقة منه! فلما عبر نهر جيحون ، وقصد طريق بلخ رآه بعض الأتراك من أصحاب ينقي
__________________
(٥٨) حول جمع وتنسيق اليساق الذي وضعه جنكيز خان ينبغي مراجعة المصادر التي اهتمت بالموضوع ، واذكر في صدرها تاليف بارتولد بعنوان تركستان (مصدر سابق) ونحن نعلم أن المغول لم يعرفوا الكتابة قبل عهد جنكيز خان ، وهم عندما اتخذوا الأبجدية الأويغورية لتسجيل لغتهم كان هدفهم الأول هو تدوين تعاليم جنكيز خان (أي العرف والتقاليد الشعبية التي اكسبها جنكيز خان صبغة القانون) والتي كان احترامها مفروضا ليس على جميع سكان الامبراطورية فحسب بل وعلى جميع الخانات انفسهم وبهذا برزت إلى الوجود «الياسا الكبرى» لجنكيز خان ، وقد نقل الزّياني في كتابه «الترجمانة الكبرى» عن ابن بطوطة ما يتعلق باليساق ولو انه قال انه نقله عن مخطوطة بمكة وقد تحرف عنده اسم ابن جزي إلى ابن جرير.!! ـ بارتولد : تركستان ص ١١٣ ـ ١١٤ ـ الترجمانة ص ٢٤٥.
(٥٩) الطّوى (toy) (مأدبة) ولكن الكلمة مستعملة هنا بمعنى الجمع العام. لكن الكلمتين معا تعنيان الاجتماع الرسمي للأعيان المغول. يلاحظ اهتمام ابن بطوطة بتسجيل هذه اللقطات الحضارية!
(٦٠) المالق ، تقدم أن مدينة المالق تقع في وادي إيلي شمال غرب الموقع الحالي لقولجا ٣٢ ـ ٧١ iii.kulja.
هذا وان أولوس (ulus) جغتاي كانت فيما وراء النهر ، الإقليم الشرقي المركزي في المالق وكانت تدعى موغوليستان أوخاطا.