حكاية [ملك الهند]
لما مات هذا القاضي بملتان كتب صاحب الخبر (٧٨) بأمره إلى السلطان ملك الهند ، وأنه قدم برسم بابه فأخترم دون ذلك ، فلمّا بلغ الخبر إلى الملك أمر أن يبعث إلى أولاده عدد من آلاف الدنانير ، لا أذكره الآن ، وأمر أن يعطي لأصحابه ما كان يعطي لهم لو وصلوا معه وهو بقيد الحياة.
ولملك الهند في كل بلد من بلاده صاحب الخبر يكتب له بكل ما يجري في ذلك البلد من الأمور وبمن يرد عليه من الواردين ، وإذا أتى الوارد كتبوا من أي البلاد ورد ، وكتبوا اسمه ونعته وثيابه وأصحابه وخيله وخدامه وهيئته من الجلوس والماكل وجميع شؤونه وتصرفاته ، وما يظهر منه من فضيلة أو ضدها فلا يصل الوارد إلى الملك إلا وهو عارف بجميع حاله فتكون كرامته على مقدار ما يستحقه!
وسافرنا من سمرقند فاجتزنا ببلدة نسف (٧٩) ، وإليها ينسب أبو حفص عمر النسفي (٨٠) مؤلف كتاب المنظومة في المسائل الخلافية بين الفقهاء الأربعة (٨١) رضياللهعنهم. ثم وصلنا إلى مدينة ترمذ (٨٢) التي ينسب إليها الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (٨٣) ، مؤلف الجامع الكبير في السنن ، وهي مدينة كبيرة حسنة العمارة والأسواق
__________________
(٧٨) صاحب الخبر يعني المكلف بالإعلام ، وقد عرف عهد بني مرين هذه الوظيفة التي نسميها اليوم وزارة الأنباء، وقد كان المكلف بها في عصر السلطان أبي الحسن عامر بن فتح الله ... وينبغي أن نقف قليلا مع التعبير الجميل لابن بطوطة «برسم بابه» يعني أنه قدم خصيصا من أجله ...
ـ ابن مرزوق : المسند الصحيح الحسن ١٧٧ / ٣٦١.
د. التازي : استراتيجية النبأ في المغرب بحث قدم للندوة الدولية التي عقدتها و. م. ع بمناسبة افتتاح مقرها الجديد بالرباط دجنبر ١٩٨٨ ـ مجلة الدراسات الاعلامية (مصر) يناير ١٩٨٩ العلم ٣٠ / ٤ / ١٩٨٩
(٧٩) يظهر أن ابن بطوطة يعتقد أن نخشب ، و «نسف» هما مدينتان مختلفتان ، مع أنهما شيء واحد على ما اسلفنا ، هذه المدينة التي تقع على الطريق من سمرقند إلى ترمذ يمكن أن تكون هي كش ، شهر سابز الحالية (shahr ـ i ـ sabz).
(٨٠) نجم الدين عمر بن محمد بن أحمد بن اسماعيل النّسفي عالم بالفقه والأدب والتاريخ من فقهاء الحنفية ، له نحو مائة مصنف ، منها منظومة الخلافيات ، وهي رجز في الفقه يتألف من ٢٦٦٩ بيت! وله القيد في علماء سمرقند «عشرون جزءا» والإشعار بالمختار من الأشعار (عشرون جزءا) ، كان يلقب بمفتي الثقلين ، وهو غير النسفي المفسر عبد الله بن أحمد. أدركه أجله سنة ٥٣٧ ـ ١١٤٢.
(٨١) حصلت على صورة للمنظومة من دار الكتب المصرية ، ومن أبياتها العالقة بالذاكرة :
وردّة الزوج طلاق زوجته |
|
وهي لدى الشيخين فسخ عقدته! |
(٨٢) مدينة ترمذ (termez) الحالية على الساحل الشمالي لنهر جيحون لأمودريا عند الحدود الأفغانية مع جيرانها في الشمال ، وقد خربت عام ٦١٧ ـ ١٢٢٠ من لدن المغول.
(٨٣) يعتبر الترمذي هذا من أئمة الحديث وحفّاظه ... تتلمذ للبخاري وشاركه في بعض شيوخه ... وله عدد من المؤلفات زيادة على الجامع ، أدركه أجله بترمذ عام ٢٧٩ ـ ٨٩٢.