الأموال وشاع خبرهم وسكنوا جبلا منيعا بمقربة من مدينة بيهق وتسمى أيضا مدينة سبزار(٩٩) ، وكانوا يكمنون بالنهار ويخرجون بالليل والعشى ، فيضربون على القرى ويقطعون الطرق ويأخذون الأموال ، وانثال عليهم أشباههم من أهل الشر والفساد فكثر عددهم واشتدّت شوكتهم وهابهم الناس وضربوا على مدينة بيهق فملكوها ، ثم ملكوا سواها من المدن واكتسبوا الأموال وجنّدوا الجنود ، وركبوا الخيل وتسمى مسعود بالسلطان وصار العبيد يفرّون عن مواليهم إليه ، فكلّ عبد فرّ منهم يعطيه الفرس والمال ، وان ظهرت له شجاعة أمره على جماعة ، فعظم جيشه واستفحل أمره وتمذهب جميعهم بمذهب الرفض وطمحوا إلى استيصال أهل السنة بخراسان وأن يجعلوها كلمة واحدة رافضيّة.
وكان (١٠٠) بمشهد طوس شيخ من الرافضة يسمى بحسن (١٠١) ، وهو عندهم من الصلحاء فوافقهم على ذلك وسمّوه بالخليفة ، وأمرهم بالعدل فأظهروه حتى كانت الدراهم والدّنانير تسقط في معسكرهم فلا يلتقطها أحد حتى يأتي ربّها فيأخذها! وغلبوا على نيسابور.
وبعث إليهم السلطان طغتيمور بالعساكر فهزموها ثم بعث إليهم نائبه أرغون شاه (١٠٢) فهزموه وأسروه ومنّوا عليه ، ثم غزاهم طغيتمور بنفسه في خمسين ألفا من التتر
__________________
(٩٩) سبزار القصد إلى sabzawar وتنطق بين العامة سبزور ، وحسب ياقوت فان سبزور كانت قصبة لبيهق ـ ٦٤ ميلا غرب نيسابور ، وقد احتلت من لدن السّربدار الذين انطلقوا من سبزور ايران ، عام ٧٣٧ ـ ١٣٣٧ ـ ١٣٣٨.
ـ خليلي : ابن بطوطة ، ص ٤٧ ـ د. التازي : مع ابن بطوطة في إيران ، ص ٩٦ تعليق رقم ١٣٠.
(١٠٠) ينبغي أن نلفت النظر إلى هذه الاحداث التي شهدتها خراسان مما يتعلق بالصّراع الرهيب بين المذهب السني والمذهب الشيعي في أعقاب الوفاة الطارئة على السلطان أبي سعيد بهادور. لقد كان ابن بطوطة يروي أخبارها عن شاهد عيان ، وهو يتحدث عن خراسان ، وبالرغم من أن المصادر الفارسية لم تهمل هذه الاحداث التي تمخضت ـ ولأول مرة في التاريخ ـ عن إنشاء أول إمارة شيعية الا ان تلك المصادر تظل شحيحة اذا ما قارنّاها بالتفاصيل الثرية التي قدمها الرحالة المغربي عن الأصول الأولي لهذه الامارة التي كانت تحاول فرض المذهب الشيعي بالقوة ، والتي انتهت في الأخير إلى العدول عن الفكرة.
ـ د. التازي : مع ابن بطوطة في إيران ، ص ٩٥ / ٩٦.
ـ m. mozafari : iran p. ٦٣.
(١٠١) طوس قريبة جدّا من مدينة مشهد الحالية كما ياتي والقصد بحسن إلى الزعيم الشيعي المعروف حسن جوري (djuri) الذي حرر من سجنه في نيسابور وأصبح العضد الايمن لمسعود وقد تقدم الحديث عن طغتمور. علال الفاسي : المدرسة الكلامية وآثار الشيخ الطوسي ـ ايران
(١٠٢) أرغون ابن نوروز بن أرغون كان مغوليا أميرا لخراسان ، وهو نفسه أحرز بعد سنة ٧٣٥ ـ ١٣٣٥ على إمارة تضمّ طوس ، نيسابور ، ومرو ، وقد تقدم الحديث عن والده نوروز ولما غلب أرغون من لدن السربداريين الذين احتلّوا هذه المدينة عام ٧٣٨ ـ ١٣٣٨ التجأ إلى طغتمور وقد احتفظ المنحدرون منه بالمنطقة حتى وصول تمور ...