وكان العلماء فى الدولة الإسلامية يودعون نسخا من مؤلفاتهم فى بيت الحكمة على أن بيت الحكمة ضعف شأنه فى عهد الخلفية المعتصم ، لعدم اهتمامه بالنواحى الثقافية.
وكان يلحق ببيت الحكمة علماء لهم رواتب محددة ، وتنوعت اختصاصاتهم ، ومن بين هؤلاء العلماء علماء فلكيون ، ذلك لأن المأمون ألحق بيت الحكمة مرصدا لإصلاح آلات الرصيد ، وكانت أعمال بالضرورة من بيت الحكمة ، بل كان بعضهم من خارجه.
وصاحب بيت الحكمة يشرف على العاملين فيه ، وعليه أن يرتب الكتب وبعد فهارسها ، ويصنفها ، وضم بيت الحكمة عدة طوائف ، طائفة النساخ ، وطائفة المترجمين ، وطائفة المفسرين ، وطائفة المنجمين ، وطائفة الكتبة وطائفة المجلدين ، وكان الناسخ ينسخ ما يطلب منه نظير أجر. وعليه أن يرتب أوراق كل نسخة بعد جمعها ، وإصلاح ما قد يظهر فيها من أخطاء. (١)
وكان الخليفة يعين المترجمين فى بيت الحكمة ، ويعين لهم رئيسا يتفقد أعمالهم ويراجعها ويصححها مثل يوحنا بن ماسويه ـ كان نصرانيا سريانيا ولاه الرشيد ترجمة الكتب الطبية القديمة التى وجدها بأنقرة وعمورية وسائر بلاد الروم التى فتحها المسلمون (٢) ، وعينه أمينا على الترجمة ، ورتب له كتابا يكتبون بين يديه ، وظل يباشر مهامه حتى أيام المأمون ، وقام بالترجمة أيضا يوحنا بن البطريق ، وحنين بن إسحاق (٣).
وبذلك ساهم بيت الحكمة فى ترجمة كتب فى علوم مختلفة وبلغات متعددة إلى العربية ، وكان المترجم يملى كتابة المترجم على عدد من الكتاب أو النساخ ، حتى تتعدد نسخ الكتاب الواحد ، وتجلد هذه الكتب ، وتودع نسخ منها فى بيت الحكمة (٤) حيث تتاح الفرصة للقراء للإطلاع عليها ، والإستقادة منها.
__________________
(١) ابن خلدون : المقدمة ص ، ٤٢١
(٢) القفطى : اخبار العلماء باخبار الحكماء ص ، ٣٨٠
(٣) المصدر نفسه.
(٤) ابن النديم : الفهرست ص ، ١٠