تمثال على صورة فارس فى يد رمح ، وتحت القبة مجلس بمستوى سطح الأرض مساحته عشرة أمتار فى مثلها ، وفى صدر المجلس الأسفل ايوان عظيم على الطراز الفارسى ، وارتفعت القبة الخضراء على علو يزيد على ثمانين ذراعا ليشرف منها على جهات المدينة وما يجاورها من البساتين ، كما أنه عنى بتجميلها بالرسوم البديعة ليكون منها للدلالة على سعة ملكه والشهادة باقتدار على عظائم الأعمال ، فظهرت وكأنها أكليل من نور قد تدلى على قصر السلام (١).
اتخذ المنصور ومعظم خلفاؤه فى العصر العباسى الأول قصر باب الذهب أو قصر السلام مقرا لهم ، ولم يقم فيه الخليفة الرشيد غير أن الأمين اتخذه مقرا له وأضاف إليه بناءا جديدا ، واعتصم الأمين بهذا القصر أثناء حصار قوات المأمون لبغداد وتعرض القصر للتخريب والتدمير من ضربات طاهر بن الحسين العنيفة.
أما القبة الخضراء فظلت قائمة على حالها ، وبلغت مساحة قصر باب الذهب ٠٠٠ ، ١٦٠ ذراعا مربعا (٢).
روعى فى تأسيس المدينة الإسلامية بناء مسجد جامع لها ، فأنشاؤه يدل على طابعها الإسلامى ، وقد أقام المنصور مسجد بغداد الجامع مجاورا لقصر باب الذهب وكان محرابه منحرفا عن القبلة ، وبناه المنصور باللبن ، ذلك أنه شيد بعد بناء القصر ، ولكى يكون وضعه متناسبا مع وضع القصر أصبح منحرفا محرابه عن القبله وكان سقف المسجد قائما على أساطين من خشب ، ولكل أسطوانه تاج مدور مصنوع من قطعة خشب ، وبقى هذا الجامع بهذه الصورة حتى ولى الرشيد الخلافة فعول على تجديده سنة ١٩٢ ه ، فأمر بهدمه وأعاده بنائه بالجص والآجر ، وكتب عليه اسم الرشيد وذكر اسماء بنائيه ومشيديه وتاريخ البناء وقد تم ذلك سنة ١٩٣ ه وصار يعرف هذا الجامع بالصحن العتيق (٣).
قلنا أن مركز الدائرة بها القصر والمسجد الجامع ، ولم يكن حولهما بناء ولا دار
__________________
(١) اليعقوبى : البلدان ص ٢٤١.
(٢) le strange : Baghdad during the Abbasid Coliphate p. ٩١
(٣) الخطيب البغدادى : تاريخ بغداد ج ١ ص ٧٦.