وله عدة كتب فى علم الكلام تزيد على المائة ، وقد انفرد بآراء نقلها عنه أهل الكلام فى كتبهم (١).
وكان النظام واسع الأفق ، متعدد الثقافات ، قوى الحجة ، مقنعا قوى التأثير تتلمذ على ابن هذيل العلاف ، لعب دورا كبيرا فى مناهضة البدع والخرافات التى نقشت بين الناس فى بغداد ، اتبع الأسلوب العلمى فى إثبات صحة آرائه ، ودافع عن الإسلام بالمنطق والبرهان القاطع ، وأظهر الملحدين والخارجين على الدين خطأ اتجاهاتهم بالأدلة المقنعة.
والنظام أستاذ الجاحظ ، وقد شابه أستاذه فى أعتماده على النقل وسعة اطلاعه ودراسته للفكر اليونانى ، وسعة ثقافته.
ومن المتكلمين فى بغداد شماسة بن الأشرس ـ إمام أهل الفكر الحر فى العصر العباسى الأول ـ وفلسفة شماسة تقول بأن الله فعل العالم بطباعه أى أوجد العالم بذاته لا بإرادته ، ويقول أن كل معارفنا ضرورة لا شأن للصدفة فيها ، ومن لم يضطر إلى معرفة الله عن إقناع ومنطق لم يكن مأمورا بالمعرفة وفى هذا وذاك لبس وغموض يجب أن يزول ـ أى أن من لم يعرف الله معرفة ضرورية ليس عليه أمر ولا نهى. أى لا يكون مكلفا بل مخلوقا للسخرة ، ويكون لهذا الجهل معذورا لا يستحق ثوابا ولا عقابا (٢).
وكان الجاحظ كشيخه أبى إسحاق إبراهيم بن سيار النظام من أوائل المعتزلة والذين درسوا فلسفة اليونان ، وكان يستشهد فى أحكامه بالتاريخ وتجاربه ولا يرضى عن الأحكام القائمة لمجرد النظر.
وكان الجاحظ عالما بالطبيعة والإنسان ، وكتابه الحيوان وثيقة الصلة بالكلام لأن المؤلف سعى إلى إظهار وحدة الطبيعة وإلى أن الأجزاء المكونة لها متساوية القيمة فى نظر الرائى (٣).
__________________
(١) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ١ ص ٧٨.
(٢) انظر دائرة المعارف الإسلامية.
(٣) المصدر السابق.