ومصحة للمصابين بأمراض عقلية ، وكان بيت الحكمة مزودا بالكتب الطبية القيمة.
اعتمد العباسيون على أطباء جنديسابور فى العلاج ، فلما مرض الخليفة المنصور ، بعث فى طب جورجيس بن جبريل ، وكان له خبرة بالطب ، ومعرفة أنواع العلاج وقد قدره المنصور لأنه أحسن علاجه ، ووجدد راحة عظيمة فى جسمه ، وتخلص من الأمراض وجدير بالذكر أن جورجيس نهى المنصور عن الإسراف فى الطعام ، وطلب منه تخفيف الغذاء وترجم هذا الطبيب للمنصور بعض الكتب الطبية ، وأعتمد على أطباء غيره من السريان (١).
على أن أسرة بختيشوع قد نبغ أفرادها فى علم الطب ، واعتمدت عليهم بغداد اعتمادا كبيرا لسعة ثقافتهم وإخلاصهم ، فلما مرض الخليفة الهادى أرسل إلى جنديسابور باستدعاء بختيشوع ، لكن الهادى توفى قبل مقدم هذا الطبيب ، على أنه عالج الرشيد ولاحظ دقته وبراعته ، وخلع عليه خلعة حسنة جليلة ، ووهب له مالا وافرا ، وعين بختيشوع رئيسا للأطباء ، وله كتب منها «التذكرة» (٢).
أما جبريل بن بختيشوع فكان مشهورا بالفضل جيد المداواة عالى الهمة ، حظيا لدى الخلفاء ، حصل من الخلفاء من الأموال ما لم يحصله غيره من الأطباء وجعله الرشيد رئيسا للأطباء فى بغداد ، وبلغ من تقديره له أن قال : كل من كانت له حاجة فليخاطب بها جبريل لأنى أفعل كل ما يشاء ، وكان رجال الدولة يقصدونه فى كل أمورهم (٣) لأنه أحسن علاج الرشيد ، ووزراء ، وخاصته ، وكان الأمين لا يأكل ولا يشرب إلا بأذنه ، وأجزل له العطاء ، ولما ولى المأمون الخلافة غضب عليه وقبض عليه ، لكن المأمون مرض ، وعجز الأطباء عن علاجه ولما سمح لجبريل بعلاج المأمون شخص مرضه ووصف له دواءا شفى به ورد إليه الأموال التى صادرها منه ، وبالغ فى إكرامه ، ولما مرض جبريل طلب منه المأمون
__________________
(١) ابن أبى أصبيعه : طبقات الأطباء ج ٢ ص ١٢٥.
(٢) المصدر السابق ص ١٢٤.
(٣) المصدر السابق ص ١٢٦.