له من هدم عدة مدارس وخانات بل هدم جامع وأخذ موادها لبناء ما قد أمر به أروق المذكور وفى الأخر نجح اليهودى فى دسائسه فعين له رجلان من زعماء الدولة وهما أردو قيان وبيان سكورجى وعهد إلى ثلاثهم أن يفصحوا دواوين الحساب ويقبضوا الواردات. فجمع سعد الدولة من ذلك مبلغا طائلا وسلمه بيد أرغون فلما رأى هذا ما فى هذا الطبيب من الكفاءة والجدارة إقامه مراقبا على دخل المملكة وخزانتها.
فلما بلغ اليهودى هذا المبلغ من علو المرتبة أقام أخاه فخر الدولة ناظرا عاما على مزارع العراق وسائر أقاربه فى وظائف أخرى من وظائف الدولة فى أقطارها المختلفة القريبة من بغداد.
ولما مات أرغون أثر مرض لم يمهله زمنا طويلا جمع سعد الدولة حسنات كثيرة ودفع إلى أهل الجباية فى بغداد ثلاثين ألف دينار من البقايا إلا أن قتل هذا الوزير قلب ظهر المجن لليهود وذلك أن بعض كبار الدولة تأمروا على الفتك بحياته فنجحوا فى مؤامرتهم وكان قتله قبل وفاة أرغون التى وقعت فى ٧ ربيع الأول سنة ٦٩٠ ه (ـ ١٠ آذار سنة ١٢٩١ م) ومنذ ذاك الحين ضيق على اليهود تضييقا عظيما حتى عد ذلك الضيق من أعظم المصائب التى نزلت بهم. وقام المسلمون فى بغداد قومة واحدة وبأيديهم الأسلحة هجموا على اليهود فى محلتهم هجوم الأسد الضرغام إلا أن اليهود كانوا قد استعدوا لهذه الموقعة فدافعوا عن أنفسهم دفاع الأبطال وردوا مهاجميهم على أعقابهم وكان القتل فى الجانبين عظيما جدا (إلى هنا نقلا عن ابن العبرى وذو صون ورصاف وغيرهم).