وكان غازان بشتى فى بغداد ويقضى أيامه فى الصيد فى السهول التى تكتنف المدينة وفى ١٨ ذى القعده من سنه ٦٩٥ ه (ـ ٢٩ ايلول ١٢٩٦ م) غادر جوار مراغة واخذ معه أكابر دولته وذهب بهم على شواطئ دجلة فوصلها بعد ثلاثة أشهر فى شهر كانون الأول وقضى أيام الشتاء وأخذ يتصيد فى العراق وبرحه طالبا همذان فى ١٤ جمادى الأولى سنة ٦٩٦ ه (ـ آذار سنة ١٢٩٧ م) وأمر بأن يقام فى دار الخلفاء كما فى سائر مدن المملكة دور ضيافة سماها (دور السيادة) لانزال السادة أبناء ذرية على بن أبى طالب فى رحابها ومقاصيرها وحبس عليها الأموال الطائلة لنفقتها ونقفة من ينزلها من العلويين.
وفى حين زحفته الثالثة على ديار الشام عبر غازان الفرات إلى الحلة فى ١٠ جمادى الثانية من سنة ٨٠٢ ه (ـ ٣٠ كانون الثانى سنه ١٤٠٣ م) وفى اليوم السادس من عبوره الفرات ذهب لزيارية قتيل كربلاء وعين للسادة لتقيمين بجوار التربة ثلاثة آلاف من الخبز فى اليوم الواحد من ربع الأرضين التى يسقيها النهر الأعلى الذى حفره غازان وكان شقة من الفرات إلى مشهد الحسين ناقلا ماء زلالا إلى بلدة مدفن الحسين وقال ذو الصون فى كتابه تاريخ المغول.
أمر غازان فحفر فى أرض الحلة نهرا يأخذ ماءه من الفرات ويدفعه إلى مرقد الحسين ويروى سهل كربلاء اليابس الفقر. وما جرى الماء إلا وفرش عليها بسلطا أخضر كله محاسن ولبست الأرضون ثيابا سندسية سداها مختلف النبات ولحمنها ألوان الأشجار وكانت غلتها تزيد فى السنة على مائة ألف طغار من الحبوب تفوق حبوب بغداد حسنا وجوهرا ، وأمر غازان أن يوزع كل سنة مقدار وافر من الحنطة على السادة الفقرآء الذين كانوا يأوون إلى المرقد وعددهم كان هناك عديدا.
وتسمى ذلك النهر «نهر غازان الأعلى» «أو النهر الأعلى الغازانى» تمييز له عن النهر الأخر الذى كراه هو أيضا ويأخذ ماءه من الفرات وينزل به إلى مرقد السيد أبى الوفاء وكان الباعث على شق هذا النهر أنه ذهب يوما يتصيد فاقضى به الصيد إلى السهل الفقر الذى فيه مرقد هذا السيد. واراد حينئذ أن يورد دوابه وخيله فلم يجد ثم ماء فالى على نفسه أن يجلب الماء إلى ذلك الوطن ويسقى أراضيه ففعل وسمى هذا النهر «نهر غازان الأسفل» أو «النهر الأسفل الغازانى»