وبعد معركة أنقرة رجع السلطان أحمد الجلايرى وقره يوسف إلى البلاد الراجعة إلى سلطان ديار مصر وكان يومئذ الملك الناصر فرج وأمر حاكم دمشق الشام أن يقبض على الهاربين وبحبسهما فى قلعة المدينة ففعل وذلك فى شهر جمادى الأخرة سنة ٨٠٦ ه (الموافق لشهر كانون الأول سنة ١٤٠٣ م وكانون الثانى سنة ١٤٠٤ م) بقيا فيها إلى وفاة تيمور التى كانت فى السنة التالية.
(قلنا : رواية الأميرين الهاربين فى ديار الشام أثبت من رواية ذهابهما إلى ديار مصر. والذي يرئى هذا الراى الأخيرهم مؤرخوا الفرس فلا تلتفت إلى قولهم).
فلما علم السلطان أحمد بوفاة تيمور فر هاربا من الشام فى الليلة التى سبقت نهار الأحد ١٨ من ذى الحجة سنة ٨٠٧ ه (١٤ حزيران ١٤٠٥ م) وكان قد أطلق من السجن مع رفيقه قره يوسف فى وقت واحد فى شهر شوال من تلك السنة (شهر نيسان ولما بلغ الحلة اختبأ فيها مدة ثم استنفر زعاما واوباشا وأخذ يقطع الطرق. وما سمع أهل بغداد بقدوم هذا السلطان إلا وارتجوا لهذا الخبر ارتجاجا حتى أن حاكم المدينة وكان «دولة خواجا عناق» لم يستطيع أن يردع الناس عنه فاجبر على أن يختلى فى محل من معسكر ميرزا عمر وهو حفيد آخر من أحفاد تيمور وما مضى أسبوع بعد ذلك إلا والسلطان أحمد قد دخل بغداد وأخذها من جديد.
وأول ما قام به السلطان أحمد وبذله من الأهتمام كان إعادة بناء اسوار المدينة حفظا على سكانها وتأمينا للمدينة لأن أهلها كانوا قد قلوا لكثرة ما نابهم من النوائب وفى أواخر سنة ٨٠٨ ه (حزيران ١٤٠٦) زحف على تبريز ومعه الجيش لهام كانه الركام وكله من أهل الفتن والفساد وضم إليه جندا من الأويرات (الألوثة) وطوائف من التركمان. وكان الأمير الشيخ إبراهيم الشروانى رئيسا لهذا الجمع الغفير فسلم قيادته إليه بكل سرور وسهولة. فلما رأى التبريزيون أميرهم السابق كادوا يطيرون فرحا. أما السلطان أحمد فأخذ بالملاهى وعقد مجالس الأنس والطرب حتى قدم فجأة ميرزا أبو بكر حفيد تيمور واتفق فى