عليه وأتى به إلى أبيه فرحب به وأكرم مثواه وكان يشوب اكرامه له بعض الهوان. فعرض المضيف على ضيفه ما ظنه يرضيه ويطيب خاطره فقال له : خذ لك يا أبا سعيد خراسان وماورآء النهر. وأما أبا فادخر لنفسى ما افتتحته من البلاد وما تحويه من العباد. فأبى أبو سعيد هذا الرأى إذ وجد صاحبه يستقى لنفسه شيئا كثيرا. فلما وقف أوزون حسن على ما فى نفس مناوئه من الطمع والجشع اشتعل غيظا وتلهب غضبا وعمل بمشورة أمرائه لأنهم كانوا يقولون له أن لا يعطيه شيئا بل زاد على ذلك أنه أفتى بقتله أمام جماعة من القضاة الذين كانوا قد اجتمعوا بأمر حسن الطويل لينهوا الأمر على وجه حسن. ومن جملة الأسباب التى حملته على اصدار أمر القتل أن أبا سعيد كان قد أمر بقتل أم رجل اسمه يادكار محمد بدون علة ولذا حكم عليه بالقصاص فقتل سنة ٨٧٤ ه (١٤٦٩ م ـ ١٤٧٠ م).
وفى رواية للقرمانى ما نصه : «فى سنة ٨٧٣ ه قصد صاحب ماورآء النهر الملك أبو سعيد ابن مير شاه ابن تيمور أن يسترد ما كان لجهان شاه من البلاد من حسن الطويل فقابله بحدود آذربيجان فالتحم الحرب بينهما إلى أن قتل خلقا كثيرا من عظماء خراسان وأسر الملك أبو سعيد فى يد زينل بن حسن الطويل. ثم أمر بقتله فقتل وأرسل برأسه إلى صاحب مصر فأمر به صاحب مصر فدفن اجلالا له لأنه كان من أكابر ملوك الإسلام وارسل معه كتابا سلك فيه طريقة الملوك وابرق فيه وأرعد وكان قبله يتلطف بهم وأستولى حسن الطويل على ما كان بيد أبى سعيد المذكور على ملك سمرقند وفيرة.
وفى سنة ٨٧٤ ه حدث طاعون جارف ابتدأ من كربلاء ونجف ثم انتقل إلى بغداد يعيث فيها عيث الأسود المفترسة ثم نزل إلى القرنه والبصرة ومن هناك انتقل إلى بغداد وأصبهان بعد أن فتك فتكا هائلا فى النفوس. وكان العوام ينسب هذه الطامة الكبرى إلى قتل أبى سعيد إذ توهموا أنه أميت ظلما وجودا.
وفى أواخر تلك السنة (٨٧٤ ه) سير أوزون حسن جمعا كثيفا من العسكر