مقصود ولما علم الأب أن ابنه هذا قد اتفق مع عمه أوغرلو محمد الذى كان قد رفع رأية العصيان على أخيه حسن فى أصبهان أنزله عن منزلته الرفيعة ثم لما قضى نحبه حسن الطويل وتملك ابنه خليل بعده أتى هذا من المنكرات ما لا يصفه قلم واصف فتمرد عليه أخوه يعقوب ميرزا سنة ٨٨٣ ه (١٤٧٨ م ـ ١٤٧٩ م) وتلاقى الإخوان فنصر أب الصغير الله الفاضل على الكبير الرذل بقرب سلماس من ديار العجم ثم قتل المغلوب فى تلك الموقعة بعد قليل فأستوى على عرش المملكة يعقوب ميرزا وبعد أن قبض على صولجان الملك مدة ثلاث عشرة سنة أشربته أمه بالماء بافعا ولم تدر أنه سم بما أنها هى أيضا شربت منه فمات كلاهما فى وقت واحد أسف عليهما الجميع وسوف نعيد الكلام عن هذه الوفاة بعد هذا فى السنة المناسبة لموتها.
وفى سنة ٨٨٩ ه (١٤٨٤ م ـ ١٤٨٥ م) فاضت دجلة فيضانا فاحشا حتى فاق كل فيضان جاء ذكره سابقا فإن الماء دخل المدينة كلها وبلغ علو الماء فى الأزقة ذراعا واحدا وفى بعض المحلات كجوار مدفن عبد القادر الجيلانى بلغ ذراعا ونصف ذراع.
وتعذر المشىء على الأقدام فى الطرق فاضطر الناس إلى ركوب القفف والقوارب والسفن ومنهم من كان يتجول على الدواب. وقد وافق أزدحام السيل فى طحمة الليل فانبثقت الأمتداد ليلا على غفلة من الناس ففاجأهم السيل وهم نيام فلما انتبهوا على أنفسهم رأوا أن كثيرين منهم قد خنقوا بالماء ومنهم من جاءهم السيل وهم فى البادية فاحتملهم إلى بعيد ولا سيما الأطفال فمات منهم مئات وكذلك يقال على الدواب التى ابتلعتها المياه أو ساقها إلى حيث القها رحلها أم قشعم وكان العويل يسمع من بعيد فالذين فى جانب الكرخ كانوا يسمعون صراخ أهل الرصافة والذين كانوا فى ضفة الرصافة تسنك مسامعهم من نحيب أهل الكرخ وأما الذين دفنوا تحت الردم فلم يحصوا لكثرنهم ولم تدخل المياه البيوت من فيضان دجلة فقط بل كانت أراضى الدور تضيق بالمياه التى كانت تنبط منها لأن سطح ماء الشط كان أعلى بكثير من أعلى محلة ببغداد وفى الناس فى هذا الخوف العظيم مدة تزيد على شهر ولما جاء تموز تبخرت المياه ورجع الناس