سهل ، فرش للخليفة المأمون يوم زواجه من ابنته بوران حصيرا منسوجا من الذهب ، وصنع للسيدة زبيدة زوجة الرشيد بساطا من الدبياح ، جمع صورة كل حيوان وطائر من جميع الأجناس ، وأنفقت عليه نحوا من ألف ألف دينار (١) وأتخذ المأمون فى قصوره ثلاثة آلاف وثمانمائة بساط منها ألف ومائتين مزركشه بالذهب (٢).
وأنشأ العباسيون فى بغداد ـ كما فعل الأمويون فى دمشق من قبل ـ دور الطراز ، فكانت تنقش أسماؤهم أو علامة مميزة تختص بهم على الأثواب التى يرتدونها ، وكذلك ملابس أجنادهم ورجال دولتهم ، وعليها شارة الخليفة أو لقبه وبعض عبارات الدعاء (٣) ، والكتابة تحاك بخيوط من الذهب أو من خيوط ذات ألوان زاهية وكان القائم بالنظر فى دور الطراز يسمى صاحب الطراز (٤) وهو ينظر فى أمور الصباغ والحاكة ، ويشرف على أعمالهم ويجرى عليهم أرزاقهم ، وتنتج دور الطراز البسط والثياب والأعلام والبنود والفرش ، ويستعملها الخليفة أو يمنحها لكبار عماله (٥).
واشتهرت بغداد بالصناعات الزجاجية ، أخذوها عن الفرس ، وبلغت درجة كبيرة من الدقة والأتقان ، وبلغ من مهارة الصناع أن الزجاج كانوا يرصعونه بالجواهر ويكتبون عليه بالذهب المجسم ويصنعون أقداحا بديعة الصنع.
كذلك ظهر فن الصناعة على المبانى ، فكان على الجدران والسقوف نقوش فى رسم ملون أو فسيفساء من ذهب ، وعلى دائر الأبواب كتابة من الزجاجة الملون ويحوطونها بخشب أسود من الأبنوس وغيره ، ويعلق الصناع رسوما من النحاس تمثل غصونا وثمارا أو أزهار إلى غير ذلك من الأشكال التى تؤكد براعة الصانع وذوقه الفنى ودقته ومهارته (٦).
__________________
(١) ابن طباطبا ص ، ٢٠٣
(٢) ابن الابشيهى : المستطرف ج ١ ص ، ٨٩
(٣) المدور : حضارة الإسلام فى دار السلام ص ، ٩٥
(٤) مقدمة ابن خلدون ص ٢١٠ ـ ، ٢١١
(٥) الدمبرى : حياة الحيوان الكبرى ص ، ٧٩
(٦) Hitti : Hist.of the Arabs p.٥٤٣