فيها ، فشيد الخليفة المعتصم مصانع فى بغداد لصناعة الصابون بالدهون والعطور ، وكانت بغداد تنتج أنواع الزيوت (١). كذلك أنشأ العباسيون مصنعا للورق فى بغداد ، وجلبوا له الصناع وأرباب الحرف من مصر التى اشتهرت بهذه الصناعة منذ وقت بعيد (٢) ، وكان ببغداد عدد كبير من المصانع حتى قيل أنه كل بها أربعمائة رحى مائية وأربعة آلاف معمل لصنع الزجاج ، وبضعة آلاف معمل لصنع الخزف ، وكان لكل صناعة سوق خاص (٣).
وازدهرت فى بغداد صناعة الأدوات الجديدية والخشبية المختلفة فى سوقى الحدادين والنجارين ، كذلك كانت تصنع السفن والقوارب فى بغداد سواءا الحربية أو التجارية أو الترفيهية. ويذكر الطبرى (٤) أن الأمين أمر بعمل خمس حراقات فى دجلة على خلقة الأسد والفيل والعقاب والحيه والفرس ، وأنفق فى عملها مالا عظيما ، كما ابتنى سفينة عظيمة أنفق على بنائها ثلاثة آلاف درهم ، واتخذ أخرى على شكل دأبه بحرية قيل إنها تنقذ الغريق أسمها الدلفين.
وتقدمت صناعة حياكة الثياب الحريرية والقطنية والأقمشة بأنواعها فى بغداد ، وكان ببغداد سوق للبزازين ، ويباع فيه بالإضافة إلى الأقمشة والمنسوجات ، للعمائم الدقيقة من صنع بغداد والمناديل ، وكان السقلاطون وهو نسيج حريرى سميك ـ يصنع فى بغداد ، وفى محلة العتابية تصنع الثياب العتابية ، وهى ثياب مخططة تصنع من خيوط قطنية وحريرية (٥) ، وتقدمت صناعة البسط فى بغداد ، ويصنعونها من القطن والكتان (٦) ويذكر صاحب كتاب الفخرى (٧) أن الحسن بن
__________________
(١) الخطيب البغدادى : تاريخ بغداد ج ١ ص ٧٥ ـ Hitti : Hist.of the Arabs p.٠٤٣
(٢) مقدمة : ابن خلدون ص ، ٢٤٥
(٣) أمين زكى : كتاب عمران بغداد ص ، ٥٠
(٤) تاريخ الأمم والملوك ، حوادث سنة ١٩٨ ه.
وقال أبو نواس فى ذلك :
قد ركب الدلفين بدر الدجى |
|
مقتحما فى الماء قد لججا |
فأشرقت دجله فى حسنه |
|
وأشرف الشطان واستبهجا |
خص به الله الأمين الذى |
|
أضحى بتاج الملك قد توجا |
(٥) Hitti : Hist.of the Arabs p.٥٤٣.
(٦) الدورى : تاريخ العراق الاقتصادى ص ٩٣ ، ١٤١