حكى حارث الجولان من فقد ربه |
|
وحوران منه موحش متماثل |
ثم قال معاوية :
فإنّ المرء لم يخلق حديدا |
|
ولا هضبا (١) توقله الوبار |
ولكن كالشهاب سناه (٢) يخبو |
|
وحادي الموت عنه ما يحار |
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، عن الصلت بن حكيم ، عن بعض رجاله أن معاوية لما احتضر جعل يقول (٣) :
لعمري لقد عمرت في الملك (٤) برهة |
|
ودانت لي الدنيا بوقع البواتر |
وأعطيت جمّ المال والحلم والنّهى (٥) |
|
وسلم قماقيم (٦) الملوك الجبابر |
فأضحى الذي قد كان ممّا يسرّني |
|
كحلم مضى في المزمنات الغوابر |
فيا ليتني لم أعن في الملك ساعة |
|
ولم أعن في لذّات عيش نواضر |
وكنت كذي طمرين عاش ببلغة |
|
من الدهر (٧) حتى زار ضيق المقابر |
أخبرنا أبو بكر بن كرتيلا ، أنا أبو بكر الخيّاط ، أنا أبو الحسين السوسنجردي ، أنا أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي ، حدّثني أبو عمرو السعيدي ، حدّثني الفضل بن الحسن ، نا عبد الرّحمن بن عمر المدني ، نا محمّد بن أبي رجاء ، حدّثني عبد الله بن عبد الرّحمن المدائني قال : تمثّل معاوية بن أبي سفيان في مرضه :
لعمري لقد عمرت في الملك برهة |
|
ودانت لي الدنيا بوقع البواتر |
وأعطيت حرّ المال والملك واللهى |
|
وسلم قماقيم الملوك الجبابر |
فأضحى الذي قد كان ممّا يسرني |
|
كلمح مضى في المزمنات الغوابر |
فيا ليتني لم أعن في الملك ساعة |
|
ولم أعن في لذات عيش نواضر |
وكنت كذي طمرين عاش ببلغة |
|
من الدهر حتى زار ضنك المقابر |
__________________
(١) بالأصل : «هضبا ولا» وفوقهما علامتا تقديم وتأخير.
(٢) بالأصل : «سنا به نحبوا» والمثبت عن «ز».
(٣) الأبيات في البداية والنهاية ٨ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٤) البداية والنهاية : الدهر.
(٥) في البداية والنهاية : وأعطيت حمر المال والحكم والنهى.
(٦) القمقام والقماقم : السيد الكثير الخير الواسع الفضل.
(٧) في البداية والنهاية : فلم يك.