قال : وتمثّل وقد تعرّى ، ورأى نحول جسمه وتغيّره فقال (١) :
أرى الليالي مسرعات النقص (٢) |
|
حنين طولي وركبن (٣) في بعضي |
أقعدنني من بعد طول النهض |
أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٤) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، نا أبو حاتم عن العتبي ، عن أبيه ، عن خالد ، عن أبيه ، عن عمرو بن عتبة قال :
لما اشتكى [معاوية](٥) شكاته التي هلك فيها أرسل إلى أناس من بني أمية ، فخصّ ولم يعمّ ، فقال : يا بني أمية ، إنّه لما قرب ما لم يكن بعيدا ، وخفت أن يسبقكم الموت إليّ سبقته بالموعظة إليكم ، لا لأردّ قهرا ولكن لأبلغ عذرا ، لو وزنت بالدنيا لرجحت بها ، ولكني وزنت بالآخرة فرجحت بي ، إنّ الذي أخلف لكم من الدنيا أمر ستشاركون فيه أو تغلبون عليه ، والذي أخلّف عليكم من رأي أمر مقصور عليكم نفعه إن فعلتموه ، مخوف عليكم ضرره إن ضيعتموه ، فاجعلوا مكافأتي قبول وصيتي ، إنّ قريشا شاركتكم في نسبكم وبنتم منها بفعالكم ، فقدّمكم ما تقدمتم فيه ، إذ أخّر غيركم ما تأخّروا له وبالله لقد جهر لي فعلمت ، ونغم (٦) لي ففهمت ، حتى كأنّي أنظر إلى أبنائكم بعدكم نظري إلى آبائهم قبلهم ، إنّ دولتكم ستطول ، وكلّ طويل مملول ، وكل مملول مخذول ، فإذا انقضت مدتكم كان أول تجادلكم فيما بينكم ، واجتماع المختلفين عليكم فيدبر الأمر بضد الحسن الذي أقبل به ، فلست أذكر عظيما نركب منه ، ولا حرمة تنتهك ، إلّا والذي أكفّ عن ذكره أعظم ، فلا معوّل عليه عند ذلك أفضل من الصبر ، وتوقع النّصر ، واحتساب الأجر فيما دّكم (٧) القوم دولتهم امتداد
__________________
(١) الرجز ، من ستة شطور ، للأغلب العجلي في شعره (شعراء أمويون ص ١٥٩ ـ ١٦٠) وانظر تخريجها فيه.
(٢) روايته في شعر الأغلب : طول الليالي أسرعت في نفضي.
(٣) بالأصل و «ز» : «وركنى» وكتب فوقها في الأصل : «كبن» وبعدها صح ، يعني «ركبن» وفي شعره : وطوين عرضي.
(٤) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٩٤.
(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، والجليس الصالح.
(٦) نغم ينغم : تكلم بكلام خفي. (اللسان : نغم).
(٧) مكانها بياض في «ز».