هذا فلا والله لا أفعل ، ولكن لله [عليّ](١) عهد وميثاق ألّا تمكّني يداي منك ولي عليك مقدرة إلّا ضربت الذي فيه عيناك.
فلمّا قدم مسرف المدينة وأوقع بهم أيام الحرّة ، وكان معقل يومئذ صاحب المهاجرين ، فأتي به مسرف مأسورا ، فقال له : يا معقل بن سنان ، أعطشت؟ قال : نعم ، أصلح الله الأمير ، قال : خوّضوا له شربة بلوز ، فخاضوها له ، فشرب ، فقال له : أشربت ورويت؟ قال : نعم ، قال : أما والله لا تستهنئ بها ، يا مفرج ، قم فاضرب عنقه ، ثم قال : اجلس ، ثم قال لنوفل ابن مساحق : قم فاضرب عنقه ، قال : فقام إليه ، فضرب عنقه ، ثم قال : والله ما كنت لأدعك بعد كلام سمعته منك تطعن فيه على إمامك ، قال : فقتله صبرا ، وكانت الحرّة في ذي الحجّة سنة ثلاث وستين ، فقال الشاعر :
ألا تلكم الأنصار تنعى سراتها |
|
وأشجع تنعى (٢) معقل بن سنان |
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن إبراهيم بن شاذان ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن شيبة بن أبي شيبة البزاز (٣) ، أنا أبو جعفر أحمد بن الحارث الخرّاز (٤) ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن عبد الله (٥) بن أبي سيف المدائني ، عن عوانة ، وأبي زكريا العجلاني عن عكرمة بن خالد.
أن مسلما لما دعا الناس إلى البيعة قال : ليت شعري ، ما فعل معقل بن سنان الأشجعي ، وكان له مصافيا ، فخرج ناس من أشجع يطلبونه ، فأصابوه في قصر العرصة (٦) ، ويقال : أصابوه في جبل أحد ، فقالوا له : الأمير يسأل عنك ، فارجع إليه ، قال : أنا أعلم به منكم ، إنه قاتلي ، قالوا : كلا ، فأقبل معهم ، فقال له مسلم : مرحبا بأبي محمّد ـ ويقال : قال له : أبا عبد الرّحمن ، وبها كان يكنى ـ أظنك ظمآنا ، وأظن هؤلاء قد أتعبوك ، قال : أجل ، [قال :](٧) شوبوا له عسلا بثلج ، من العسل الذي حملتموه لنا من حوّارين (٨) ، ـ ويقال : قال :
__________________
(١) زيادة لازمة عن ابن سعد.
(٢) في د : تبغى ، في الموضعين.
(٣) في د : «الغوان».
(٤) الأصل ود ، و «ز» : الجرار ، وفي د : الحرار.
(٥) تحرفت بالأصل وبقية النسخ إلى : عبيد الله ، راجع ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٤٠٠.
(٦) قصر العرصة : هو بالعقيق من نواحي المدينة (راجع معجم البلدان).
(٧) زيادة للإيضاح عن المختصر.
(٨) تقدم التعريف بها.