خوضوا له سويق اللوز بالثلج ـ ففعلوا وسقوه ، فقال : سقاك الله أيها الأمير من شراب الجنّة ، قال : لا جرم ، والله لا تشرب بعدها ـ لا أمّ لك ـ شرابا حتى تشرب من حميم جهنم ، قال : أنشدك الله والرحم (١) ، قال : ألست (٢) القائل ليلة لقيتك بطبرية وأنت منصرف من عند أمير المؤمنين ، وقد أحسن جائزتك ، سرنا شهرا وحسرنا (٣) ظهرا ، ورجعنا صفرا ، نرجع إلى المدينة ، فنخلع الفاسق شارب الخمر ، ونبايع رجلا من المهاجرين ، أو أبناء المهاجرين؟ يا تيس أشجع فيم (٤) غطفان وأشجع من الخلع والتأمير؟! إنّي والله عاهدت الله لا ألقاك في حرب أقدر فيها على قتلك إلّا قتلتك ، وأمر به فقتل ، وقال لعمرو بن محرز : واره ، [قال :] تقتله أنت وأواريه أنا؟ قال : نعم.
قال : ونا أبو الحسن ، عن مبارك بن شافع ، عن يزيد بن حصين بن نمير قال :
لما أمر مسلم بقتل معقل ، وقال : أسألك بالرحم ، قال : ما عذري عند أمير المؤمنين إذا أنا أقتل بني عمّه وتركت بني عمي ، وقتله ، فقال عاصم الأشجعي يرثي معقلا :
وقائلة تبكي بعين سخينة |
|
جزى الله خيرا معقل بن سنان |
فتى كان غيثا للفقير ومعقلا |
|
حريزا لما يخشى من الحدثان |
وقال يذمّ عمرو بن محرز إذ ترك دفنه :
بني محرز هلّا دفنتم أخاكم |
|
ولم تتركوه للضّباع الخواضع |
تلعّبتم جهلا بلحم ابن عمكم |
|
وأسلمتموه للسيوف القواطع |
تعاوره أرماحكم وسيوفكم |
|
وتلك لعمر الله إحدى البدائع |
وقال أرطأة بن سهيّة يردّ على عاصم :
يعدّ علينا عاصم قتل معقل |
|
فما ذنبنا إن كان أجرى وأوضعا |
وما ذنبنا إن كان فارس بهمة |
|
أصاب فلم يترك لرأسك مسمعا |
قال : ونا أبو الحسن ، عن عوانة قال : كان معقل بن سنان جميلا ، طمّ عمر بن الخطّاب شعره وكانت له وفرة ، وذاك أنه سمع امرأة تنشد بيتا :
__________________
(١) في أنساب الأشراف ٥ / ٣٤٧ طبعة دار الفكر : نشدتك الله والإسلام.
(٢) تقرأ بالأصل : أكنت ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) في أنساب الأشراف : «وأحرثنا ظهرا». وقوله : حسرنا ظهرا يعني أننا أتعبنا دوابنا حتى هزلت (راجع اللسان : حسر).
(٤) الأصل : «في» وتقرأ في د ، و «ز» ، وم : «هم» والمثبت عن المختصر.