القيس وطرفة محاسن ما قالا ، فقال عبد الملك : أشعر والله منهما معن بن أوس (١) حيث يقول (٢) :
وذي رحم قلّمت أظفار ضغنه (٣) |
|
بحلمي عنه وهو ليس له حلم |
وأسعى لكي أبني ويهدم دائبا (٤) |
|
وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم |
يحاول رغمي لا يحاول غيره |
|
وكالموت عندي أن ينال له رغم |
فما زلت في لين له وتعطّف |
|
عليه كما تحنو على الولد الأمّ |
لأستلّ منه الضغن حتى سللته |
|
وإن كان ذا ضغن يضيق به الحلم |
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين الهمذاني ، أنا أبو طاهر عبد الكريم بن الحسن بن رزمة الخباز ـ ببغداد ـ أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر الجوزي ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني هارون بن أبي يحيى ، نا أبو عمر العمري عن شيخ من محارب.
أن عبد الملك بن مروان كان يوما في عدّة من ولده وأهل بيته فقال : لينشد كلّ رجل منكم أشعر ما يروي من الشعر ، فأنشدوه لزهير ، والنابغة ، وامرئ القيس ، وطرفة ، ولبيد ، فقال عبد الملك : أشعر منهم الذي يقول :
وذي رحم قلّمت أظفار ضغنه |
|
بحلمي عنه وهو ليس له حلم |
يحول رغمي لا يحاول غيره |
|
وكالموت عندي أن ينال له رغم |
فإن أعف عنه أغض عينا على قذى |
|
وليس له بالصفح عن ذنبه علم |
فإن انتصر منه أكن مثل رائش |
|
سهام عدوّ يستهاض بها العظم |
صبرت على ما كان بيني وبينه |
|
وما يستوي حرب الأقارب والسلم |
ويشتم عرضي بالمغيب جاهدا |
|
وليس له عندي هوان ولا شتم |
إذا سمته وصل القرابة سامني |
|
قطيعتها تلك السفاهة والإثم |
وإن أدعه للنصف يأب ويعصني |
|
ويدع لحكم جائر غيره الحكم |
وقد كنت أكوي الكاشحين وأشتفي |
|
وأقطع قطعا ليس ينفعه الحسم |
__________________
(١) أقحم بعدها بالأصل ود ، و «ز» ، وم : «بن زهير بن أبي سلمى» وليس في عامود نسب معن.
(٢) الخبر والأبيات في الأغاني ١٢ / ٦٠.
(٣) الأغاني : ضغنه.
(٤) الأغاني : صالحي.