وكيف ينكر على المصنّف؟! والحال أنّ ابن الفارض (١) ، وهو من أكبر مشايخهم ، قد كان جلّ فضائله عندهم : الرقص والغناء والصعقة في اللهو واللعب!
فلو لم يكن ذلك طريقة مألوفة عندهم ، وشرفا كبيرا بينهم ، لما مدحوه بتلك الجهالات.
نقل شارح ديوانه عن ولده ، أنّه قال : رأيت الشيخ نهض ورقص طويلا ، وتواجد وجدا عظيما ، وتحدّر منه عرق كثير ، حتّى سال تحت قدميه ، وخرّ إلى الأرض واضطرب اضطرابا عظيما ..
إلى أن قال : فسألته عن سبب ذلك ، فقال : يا ولدي! فتح الله عليّ بمعنى في بيت لم يفتح عليّ مثله ، وهو [ من الكامل ] :
__________________
(١) هو : عمر بن علي بن مرشد بن علي ، الحموي الأصل ، المصري المولد والدار والوفاة ، ولد سنة ٥٧٦ وتوفّي سنة ٦٣٢ ه ، أشعر المتصوّفين ، له ديوان شعر ، وفي شعره فلسفة تتّصل بما يسمّى « وحدة الوجود » ، وكان يلقّب بسلطان العاشقين.
وقد كانت له جوار بالبهنسا ـ وهي مدينة بمصر في الصعيد الأدنى غربي النيل ـ يذهب إليهنّ فيغنّين له بالدفّ والشبّابة وهو يرقص ويتواجد! فماتت إحداهنّ فاشترى جارية تغني له بدلها.
قال عنه الذهبي : صاحب الاتّحاد الذي قد ملأ به التائية ، فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتّحاد الذي لا حيلة في وجوده ، فما في العالم زندقة ولا ضلال! .. شيخ « الاتّحادية » .. ينعق بالاتّحاد الصريح في شعره ، وهذه بليّة عظيمة! فتدبّر نظمه .. وما ثمّ إلّا زيّ الصوفية وإشارات مجملة ، وتحت الزيّ والعبارة فلسفة وأفاعي!
انظر : معجم البلدان ١ / ٦١٢ رقم ٢٢٨٤ ، وفيات الأعيان ٣ / ٤٥٤ رقم ٥٠٠ ، سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٦٨ رقم ٢٣٢ ، ميزان الاعتدال ٥ / ٢٥٨ رقم ٦١٧٩ ، لسان الميزان ٤ / ٣١٧ رقم ٩٠٢ ، الكواكب الدرّية في تراجم السادة الصوفية ٢ / ١٤٧ رقم ٥٧٥ ، شذرات الذهب ٥ / ١٤٩ سنة ٦٣٢ ه ، الأعلام ٥ / ٥٥.