وعلى تفنّن واصفيه بحسنه |
|
يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف (١) |
وقال ولده : كان الشيخ ماشيا في السوق بالقاهرة ، فمرّ على جماعة من الحرس يضربون بالناقوس ويغنّون بهذين البيتين ، وهما [ من المواليا (٢) ] :
مولاي [ سهرنا ] نبتغي منك وصال |
|
مولاي فلم تسمح فنمنا بخيال |
مولاي فلم يطرق فلا شكّ بأن |
|
ما نحن إذا عندك مولاي ببال |
فلمّا سمعهم الشيخ صرخ صرخة عظيمة ، ورقص رقصا كثيرا في
__________________
(١) شرح ديوان ابن الفارض ١ / ١٠ ، وقد كان في الأصل : « ما لا يوصف » بدل « ما لم يوصف » وهو تصحيف أصلحناه من الديوان وشرحه ؛ انظر : ديوان ابن الفارض : ١٤٧.
(٢) المواليا : هو من فنون الشعر المتأخّرة الموضوعة للغناء ، ولا يلزم فيه مراعاة قوانين العربية ، وهو من بحر البسيط لو لا أنّ له أضربا تخرجه عنه ، أوّل من اخترعه أهل واسط ، اقتطعوا من البسيط بيتين وقفوا شطر كلّ بيت بقافية ، تعلّمه عبيدهم المتسلّمون عمارتهم والغلمان ، وصاروا يغنّون به في رؤوس النخل وعلى سقي المياه ، ويقولون في آخر كلّ صوت : « يا مواليا » إشارة إلى ساداتهم ، فسمّي بهذا الاسم ، ثمّ استعمله البغداديّون فلطّفوه حتّى عرف بهم دون مخترعيه ثمّ شاع.
وقيل : إنّ أوّل من تكلّم بهذا النوع بعض أتباع البرامكة بعد نكبتهم ، فكانوا ينوحون عليهم ويكثرون من قولهم : « يا مواليّا » ، فصار يعرف بهذا الاسم.
ونسج عليه كثير من شعراء الفترة المظلمة ، وبالأخصّ في مصر ، وهو يتركّب في الغالب من بيتين تختتم أشطرهما الأربعة برويّ واحد ، وكثيرا ما تسكّن بالحشو أواخر الألفاظ ، ويدخل فيه من كلام العامة ، ومنه قول صفي الدين الحلّي :
من قال جودة كفوفك
والحيا مثلين |
|
أخطا القياس وفي
قوله جمع ضدّين |
ما جدت إلّا وثغرك
مبتسم يا زين |
|
وذاك ما جاد إلّا
وهو باكي العين |
انظر : تاج العروس ٢٠ / ٣١٦ ـ ٣١٧ مادّة « ولي » ، ميزان الذهب : ٢٤٠ ـ ٢٤١.