وأمّا ما زعمه من الإجماع على عصمتهم عن الكفر ، فمناف لما سيأتي في بحث النبوّة من أنّ بعض الأشاعرة وغيرهم من السنّة يجوّزون عليهم الكفر ، بل قال بعضهم بوقوعه (١) ..
ومناف أيضا لمام يروونه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « لو كان نبيّ بعدي لكان عمر » (٢) ، فإنّ العصمة عن الكذب لا تجامع صلاحية عمر للنبوّة وهو كافر أكثر عمره.
فلا بدّ إمّا من منع وجوب العصمة عندهم عن الكفر ، أو الحكم بكذب هذه الرواية وأنّها من مفتعلات القوم.
وأمّا ما نسبه إلى الشيعة تبعا ( للمواقف ) من أنّهم يجوّزون إظهار الكفر تقيّة (٣) ، فكذب عليهم ، وإلّا فليسندوه إلى كتاب من كتبهم!
__________________
(١) انظر : شرح المواقف ٨ / ٢٦٤ ، وسيأتي تخريج ذلك مفصّلا في بحث النبوّة.
(٢) سنن الترمذي ٥ / ٥٧٨ ح ٣٦٨٦ وقال : « هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلّا من حديث مشرح بن هاعان » ، تاريخ دمشق ٤٤ / ١١٤ ـ ١١٦ ح ٩٥٦٤ ـ ٩٥٦٩ ، أسد الغابة ٣ / ٦٥٨ ، مختصر تاريخ دمشق ١٨ / ٢٩٠ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١١٩ ح ٣٩٣٣.
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ بلفظ « لو لم أبعث فيكم لبعث عمر » بطريقين ، أوّلهما عن زكريّا بن يحيى ، وثانيهما عن مشرح بن هاعان ، وقال : « هذان حديثان لا يصحّان عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا الأوّل : فإنّ زكريّا بن يحيى كان من الكذّابين الكبار.
قال ابن عديّ : كان يضع الحديث.
وأمّا الثاني : فقال أحمد ويحيى : عبد الله بن واقد ليس بشيء.
وقال النسائي : متروك الحديث.
وقال ابن حبّان : انقلبت على مشرح بن هاعان صحائفه فبطل الاحتجاج به ».
وقال ابن حبّان أيضا بترجمة مشرح بن هاعان في الثقات ٥ / ٤٥٢ : يخطئ ويخالف.
(٣) المواقف : ٣٥٩ ، وانظر : شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.