ومجرّد قول الشيعة بالتقيّة لا يستلزم تعميمها في جميع المقامات ، بل ذلك مذهب بعض السنّة ـ كما ستعرفه في مباحث النبوّة ـ ، وهو الأنسب بهم ، فإنّهم إذا نسبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قصّة الغرانيق حيث أظهر الكفر تأليفا لقومه ، فتجويزهم عليه وعلى الأنبياء إظهاره تقيّة أولى (١).
ونسبوا إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى إبراهيم الشكّ حيث قال : « نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم » (٢) كما سيجيء.
ومن المعلوم أنّ الشاكّ ليس بمؤمن ، فإظهار الكفر للتقيّة أولى ؛ لأنّ الشكّ أسوأ.
وأمّا تكذيبه للمصنّف رحمهالله في نسبته إلى الأشاعرة تجويز الكبائر على الأنبياء ، فسيأتي ما فيه في محلّه إن شاء الله تعالى.
وأمّا ما ادّعاه من أنّ تعظيم الأنبياء وأهل البيت شعارهم ، فستعرف كذبه من نسبتهم إلى الأنبياء ما لا يليق بشأنهم ، وتأويلهم ما لا يقبل التأويل من النصوص على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وجعلهم أهل البيت من سائر المسلمين ، وفضّلوا الأداني عليهم ، مع إنّ الله تعالى ميّزهم بالطهارة من الرجس (٣) ، وأوجب على الأمّة التمسّك بهم ، وجعلهم عدل القرآن المجيد
__________________
(١) المعجم الكبير ٩ / ٣٤ ح ٨٣١٦ وج ١٢ / ٤٢ ح ١٢٤٥٠ ، مجمع الزوائد ٧ / ٧١ و ١١٥ ، وستأتي القصّة بتمامها في مبحث النبوّة.
(٢) صحيح البخاري ٤ / ٢٩٠ ح ١٧٤ كتاب الأنبياء ، صحيح مسلم ٧ / ٩٨ باب فضائل إبراهيم الخليل عليهالسلام ، فتح الباري ٦ / ٥٠٧ كتاب أحاديث الأنبياء ؛ وسيأتي تمام الحديث في مبحث النبوّة.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.