واقعها وتحتاج إلى السبر والاطّلاع ، فالذي ينبغي أن يذكر في مسألة الإمامة ، أنّه :
هل الأولى أن يقال له : إنّ أئمّتنا معصومون مطهّرون من الذنوب ، عالمون بكلّ ما جاء به النبيّ من عند الله ، حافظون لكلّ حكم أراده الله ، منصوص عليهم كأوصياء الأنبياء ، قادرون على سياسة الأمّة على حسب القانون الإلهي ، لا يخطئون ولا يجهلون ..
أو يقال له : إنّ أئمّتنا ممّن يختارهم الأمّة ، ولو واحد ، حتّى إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك أمّته سدى ، وأوكل الأمر إلى اختيارهم مع قرب عهدهم بالكفر ، وإن أدّى الحال إلى اختيار مثل : معاوية ، ويزيد ، وعبد الملك ، والوليد ، والمنصور ، والرشيد ، وأشباههم من ملوك الجور والضلال والجهل والفساد ، فهم أئمّتنا ويجب علينا اتّباعهم وتعظيمهم؟!
ولو سلّم أنّ للأمور التاريخية دخلا في ما نحن فيه ، بلحاظ أنّ منها ما يستقرّ به العقل ، ومنها ما يستبعده ، فاللازم أن نذكر في مذهب الإمامية كما ذكر في مذهبه شيئا من التفصيل ..
فنقول :
لمّا بعث الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصدع بأمره ، تبعه الناس اختيارا واضطرارا ، وكان فيمن صحبه أناس أخبرهم الرهبان والكهنة بعلوّ أمره ، وبعد صيته ، فصحبوه طلبا للدنيا ، وصحبه آخرون للخوف ، ولكثير منهم ترات (١) عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وابن عمّه ووزيره ، فلمّا أراد الله تعالى
__________________
(١) التّرات ، جمع التّرة : وهي الثأر ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٢٧ ـ ٢٨ مادّة « ذحل » وج ١٥ / ٢٠٥ مادّة « وتر ».