قلت : المراد بالصفة مطلق ما يفيد الكمال أو النقص لمن ثبت له واتّصف به ، كما يشهد به إرجاع الفضل لبعض الأمثلة التي ألزمهم بها المصنّف إلى صفة النقص أو الكمال ، وبهذا الاعتبار يوصف الله تعالى بالحكمة والغنى والرزق والإحياء ، ونحوها.
ولو سلّم أنّ خلق القبيح ليس صفة نقص في الخالق ، فلا شكّ أنّه مستلزم للنقص في صفاته ؛ لأنّه يعود إلى النقص في القدرة أو العلم أو الحكمة.
ومن المضحك تعليله لكون الخلق غير الفعل ، بأنّه لا قبح بالنسبة إليه ، ضرروة أنّه لا يقتضي المغايرة بينهما ، وإنّما يقتضي أن لا يكون صدور القبيح منه قبيحا ، سواء سمّى صدوره خلقا أم فعلا.
وأمّا قوله : « ولا واجب عليه » ..
فقد عرفت أنّه مناف لمقتضى الحكمة والعدل ، ومخالف لنصّ الكتاب ، حيث قال تعالى : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (١) ..
( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٢) .. و( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) (٣).
كما عرفت بطلان نسبة القبح إلى المحلّ الذي لا أثر له أصلا ، ونفيه عن المؤثّر الموجد ، فإنّه خلاف الضرورة.
* * *
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ٥٤.
(٢) سورة النحل ١٦ : ٩.
(٣) سورة الليل ٩٢ : ١٢.