أنّ هذه السهام قتلت أحبّاءه وأعوانه ، نعوذ بالله من الجهل والتعصّب.
ثمّ جعل هذه الآيات دليلا على مذهبه الباطل ، من باب إقامة الدليل في غير محلّ النزاع.
فإنّا لا ننكر أنّ للفعل نسبة إلى الفاعل ، ونسبة وإضافة إلى الخالق ، كالسواد ، فإنّ له إضافة إلى الأسود ، لأنّه محلّه ، وإلى الخالق الذي خلقه في الأسود حتّى صار به أسود.
فقوله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) (١) فيه إضافة الكفر إلى العبد ، ولا شكّ أنّه كذلك ، وليس لنا فيه نزاع أصلا ، والكلام في الخلق لا في الكسب والمباشرة.
وقوله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) (٢) لا شكّ أنّ الكتابة تصدر من يد الكاتب ، وهذا محسوس لا يحتاج إلى الاستدلال ، والكلام في الخلق والتأثير ، فنقول : الكتابة كسب العبد وخلق الحقّ.
ألم يقرأ هذا الرجل آخر هذه الآية : ( ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (٣) صرّح بالكسب وأنّ كتابتهم كسب لهم ، لا أنّه خلق لهم؟!
وقس عليه باقي الآيات المذكورة.
* * *
__________________
(١) سورة مريم ١٩ : ٣٧ ، سورة الذاريات ٥١ : ٦٠.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٧٩.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٧٩.