[ اللازم ] الرابع : سدّ باب الاستدلال على صحّة الشريعة ، واستدلّ عليه المصنّف بأمرين :
الأوّل : قوله : « وأيضا يلزم من خلقه القبائح جواز أن يدعو إليها ».
وتوضيحه : إنّ خلق الشيء يتوقّف على إرادته ، وهي تتوقّف على الرضا به ـ كما سبق (١) ـ ..
فإذا كان تعالى خالقا للقبائح ، كان مريدا لها وراضيا بها ..
وإذا أرادها ورضي بها ، جاز أن يدعو إليها ، ويبعث الرسل لأجل العمل بها ويرغّب فيها.
وإذا جاز ذلك ، جاز أن يكون ما رغّب فيه وبعث به الرسل من القبائح ، فتزول الثقة بالشرائع ويقبح التشاغل بها ؛ لجواز أن يكون ما تدعو إليه قبيحا.
الثاني : قوله : « وأيضا لو جاز منه تعالى أن يخلق في العبد الكفر والإضلال » ..
وهو لا يحتاج إلى البيان.
ولا ريب أنّ سدّ باب الاستدلال على تلك الأمور خرق لإجماع الأمّة.
فظهر أنّ المصنّف ذكر اللوازم الأربعة ووجه لزومها لهم ، لكن على طريق اللف والنشر المشوّش ؛ لأنّه قدّم دليل اللازم الثالث على دليل الثاني ، فلم يتّضح للخصم كلام المصنّف رحمهالله مع غاية وضوحه!
وقد تشبّث للجواب عن بعض الأدلّة بأنّه محال عادة أن يخالف الله
__________________
(١) تقدّم في ج ٢ / ٣٦٤.