فإن لم ينته إلى حدّ الوجوب ، أمكن حصول المرجوح مع تحقّق الرجحان ، وهو محال.
أمّا أوّلا ؛ فلامتناع وقوعه حالة التساوي ، فحالة المرجوحية أولى.
وأمّا ثانيا ؛ فلأنّه مع قيد الرجحان يمكن وقوع المرجوح ، فلنفرضه واقعا في وقت ، والراجح في آخر ، فترجيح أحد الوقتين بأحد الأمرين لا بدّ له من مرجّح غير المرجّح الأوّل ، وإلّا لزم ترجيح أحد المتساويين بغير مرجّح ، فينتهي إلى حدّ الوجوب ، وإلّا تسلسل.
وإذا امتنع وقوع الأثر إلّا مع الوجوب ـ والواجب غير مقدور ، ونقيضه ممتنع غير مقدور أيضا ـ فيلزم الجبر والإيجاب ، فلا يكون العبد مختارا (١).
الثاني : إنّ كلّ ما يقع فإنّ الله تعالى قد علم وقوعه قبل وقوعه ، وكلّ ما لم يقع فإنّ الله قد علم في الأزل عدم وقوعه.
وما علم الله وقوعه فهو واجب الوقوع ، وإلّا لزم انقلاب علم الله تعالى جهلا ، وهو محال.
وما علم عدم وقوعه فهو ممتنع ، إذ لو وقع انقلب علم الله تعالى جهلا ، وهو محال أيضا ، والواجب والممتنع غير مقدورين للعبد ، فيلزم الجبر (٢).
* * *
__________________
(١) المطالب العالية من العلم الإلهي ٨ / ١١ ـ ١٢ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٨١ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٢١ ، المواقف : ٣١٢ ـ ٣١٣ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٢٩ ، شرح المواقف ٨ / ١٤٩ ـ ١٥١.
(٢) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٨٨ ، المطالب العالية من العلم الإلهي ٨ / ١٨ ، المواقف : ٣١٥ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٣١ ، شرح المواقف ٨ / ١٥٥.