وأمّا قوله في الوجه الرابع : « إنّ هذا الدليل ينافي مذهبهم ، فلا يصحّ لهم الاحتجاج به ؛ لأنّ مذهبهم أنّ القدرة لا تصلح للضدّين ... » إلى آخره.
فنقول في جوابه : عدم صلاحية القدرة للضدّين لا يمنع صحّة الاحتجاج بهذه الحجّة ، فإنّ المراد من الاحتجاج نفي الاختيار عن العبد ، وإثبات أنّ الفعل واجب الصدور عنه ، وليس له التمكّن من الترك ، وذلك يوجب نفي الاختيار.
فإذا كان المذهب أنّ القدرة لا تصلح للضدّين ، وبلغ الفعل حدّ الوجوب لوجود المرجّح الموجب ، لم يكن العبد قادرا على الترك ، فيكون موجبا لا مختارا ، وهذا هو المطلوب ..
فكيف يقول : إنّ كون القدرة غير صالحة للضدّين يوجب عدم صحّة الاحتجاج بهذه الحجّة؟!
فعلم أنّه من جهله وكودنيّته لا يفرّق بين ما هو مؤيّد للحجّة وما هو مناف لها!
ثمّ ما ذكر أنّهم [ إن ] (١) خالفوا مذهبهم من تعلّقها بالضدين ، لزمهم إمّا اجتماع الضدّين ، أو تقدّم القدرة على الفعل ؛ فهذا شيء يخترعه من عند نفسه ثمّ يجعله محذورا.
والأشاعرة إنّما نفوا هذا المذهب وقالوا : إنّ القدرة لا تصلح للضدّين (٢) ؛ لأنّ القدرة عندهم مع الفعل (٣) ، فيجب أن لا يكون صالحا
__________________
(١) أثبتناه من « إبطال نهج الباطل ».
(٢) راجع تخريجه المارّ آنفا في الصفحة ٢٧٦ ه ٤.
(٣) راجع تخريجه المارّ آنفا في الصفحة ٢٧٧ ه ١.