الفرس في حدّ نفسه هكذا ، ولا يتصوّر أن ينعكس الحال بينهما.
فالعلم بأنّ زيدا سيقوم غدا مثلا ، إنّما يتحقّق إذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه ، دون العكس ، فلا مدخل للعلم في وجوب الفعل وامتناعه ، وسلب القدرة والاختيار ، وإلّا لزم أن لا يكون تعالى فاعلا مختارا لكونه عالما بأفعاله وجودا وعدما » (١) ، انتهى كلام شارح « المواقف ».
وظهر أنّ الرجل السارق الحلّي سرق هذين الوجهين من كلام أهل السنّة والجماعة وجعلهما حجّة عليهم.
وجواب الأوّل من الوجهين : إنّا لا ندّعي تأثير العلم في الفعل ـ كما ذكرنا ـ حتّى يلزم من تأخّره عن المعلوم عدم تأثيره ، بل ندّعي انقلاب العلم جهلا (٢) ، والتابعيّة لا تدفع هذا المحذور ؛ لما ستعلم.
وجواب الثاني من الوجهين : إنّا نسلّم أنّ الفعل الذي تعلّق به علم الواجب في الأزل ممكن بالذات ، واجب بالغير.
والمراد حصول الوجوب الذي ينفي الاختيار ويصير به الفعل اضطراريا ، وهو حاصل ، سواء كان الوجوب بالذات أو بالغير.
وأمّا جواب شارح « المواقف » فنقول : لا نسلّم أنّ العلم مطلقا تابع للمعلوم ، بل العلم الانفعالي الذي يتحقّق بعد وقوع المعلوم هو تابع للمعلوم.
وإن أراد بالتابعيّة التطابق ، فلا نسلّم أنّ الأصل في المطابقة هو
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ١٥٥ ـ ١٥٦.
(٢) تقدّم في الصفحة ٢٦٥.