التساوي.
نعم ، إذا كان التكليف امتحانيا لم تتوقّف إرادته إلّا على الرضا بأصل التكليف ، لا بمتعلّقه.
فإذا عرفت هذا فنقول : لمّا كانت أفعال العباد عند الإمامية غير مخلوقة لله تعالى ، لم تكن له إلّا إرادة تشريعية ، أي إرادة للأحكام ، فلم يكن له تعالى رضا بما يريده العباد ويفعلونه من المعاصي ، ولا كراهة لما يتركونه من الطاعات.
بخلافه على مختار الأشاعرة من أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، فإنّه يلزم أن يكون الله سبحانه مريدا للمعاصي الواقعة راضيا بها ، ولعدم الطاعات المتروكة كارها لها ؛ لأنّ فعله للمعاصي يتوقّف على إرادتها المتوقّفة على الرضا بها ، وتركه للطاعات يتوقّف على إرادة الترك المتوقّفة على الرضا به وكراهته الفعل ، كما سبق (١).
ويلزم أن يكون الله تعالى آمرا بما يريد عدمه ويكرهه ولا يرضى به ، وهو الذي لم يخلقه من الطاعات ، وناهيا عمّا أراده ورضي به ، وهو الذي خلقه من المعاصي ، بل يلزم اجتماع الضدّين : الرضا والكراهة في ما أمر به وتركه ؛ لأنّ أمره دليل الرضا وتركه دليل الكراهة.
وكذا يجتمعان في ما نهى عنه وفعله ؛ لأنّ نهيه مستلزم للكراهة ، وفعله مستلزم للرضا.
وهذا الذي قلناه لا يبتني على أنّ تكون الإرادة بمعنى الرضا كما تخيّله الخصم ، بل هو مبنيّ على توقّف الإرادة على الرضا ـ كما بيّنّاه ـ ،
__________________
(١) راجع ردّ الشيخ المظفّر قدسسره في مبحث « استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة » في ج ٢ / ٣٧٣ من هذا الكتاب.