إلى قربه من القلب وحضوره في الذهن ، لا يغيب عن البال.
ومن أمثلة ذلك :
أسكان نعمان الأراك تيقنوا |
|
بأنكم في ربع قلبي سكان (١) |
أعلي إن تك بالعراق نسيتني |
|
فأنا بمصر على هواك مقيم |
أي بلادي في القلب مثواك مهما |
|
طال منفاي عن ثراك الحبيب |
وقد ينزّل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأي ، إشارة إلى علو مرتبته ، أو انحطاط منزلته ، أو غفلته وشرود ذهنه.
فمن أمثلة تنزيل القريب منزلة البعيد لعلو مرتبته وارتفاع شأنه :
يا من يرجى للشدائد كلها |
|
يا من إليه المشتكى والمفزع |
يا رجاء العيون في كل أرض |
|
لم يكن غير أن أراك رجائي |
أيا آخذا من دهره حق نفسه |
|
ومثلك يعطي حقه ويهاب |
يا ربة الحسن : هل لي فيك من أمل؟ |
|
إني هجرت وكل الناس عاداني! |
ومن أمثلة تنزيل القريب منزلة البعيد لانحطاط منزلته :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم |
|
إذا جمعتنا يا جرير المجامع |
أيا هذا أتطمع في المعالي |
|
وما يحظى بها إلا الرجال؟ |
وجهك يا عمرو فيه طول |
|
وفي وجوه الكلاب طول |
يأيها الرجل المدلس نفسه |
|
في جملة الكرماء والأدباء |
بالبيت ينشد ربعه أو نصفه |
|
والخبز يرزأ عنده والماء (٢) |
ومن أمثلة تنزيل القريب منزلة البعيد لغفلته وشرود ذهنه ، قول أبي العتاهية :
أيا من عاش في الدنيا طويلا |
|
وأفنى العمر في قيل وقال |
__________________
(١) نعمان الأراك : موضع في بلاد العرب ، والربع : المنزل.
(٢) المدلس نفسه : المخفي عيوبها ، يرزأ : يصاب منه شيء قليل. والمعنى أنه يغطي على عيوبه بإنشاد ربع بيت من الشعر أو نصفه ، وبإعطاء شيء قليل من الخبز والماء.