فبين جملة «أعوذ بربي أن يضام نظيري» وجملة «يقولون إني أحمل الضيم عندهم» شبه كمال الاتصال ، لأن الثانية جواب عن سؤال نشأ من الأولى ، فكأن الشاعر بعد أن أتى بالشطر الأولى من البيت أحس أن سائلا يقول له : «وهل ما يقولونه من أنك تتحمل الضيم صحيح؟» فأجاب بالشطر الثاني.
ففي هذين المثالين نرى أن الجملة الثانية في كليهما مفصولة من الأولى ، ولا سبب لهذا الفصل إلا قوة الرابطة المعنوية بين الجملتين ، فإن الجواب شديد الارتباط بالسؤال ، فأشبهت الحال هنا من بعض الوجوه حال «كمال الاتصال» السابقة الذكر. ومن أجل ذلك يقال إن بين الجملتين «شبه كمال الاتصال».
* * *
تلك هي مواضع الفصل الثلاثة بين الجمل في الكلام ، وفيما يلي تجميع للقواعد التي تحكمها.
أ ـ الوصل عطف جملة على أخرى بالواو ، والفصل ترك هذا العطف.
ب ـ يجب الفصل بين الجملتين في ثلاثة مواضع :
١ ـ أن يكون بين الجملتين اتحاد تام ، وذلك بأن تكون الجملة الثانية توكيدا للأولى ، أو بيانا لها ، أو بدلا منها. وفي هذه الأحوال الثلاثة يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «كمال الاتصال».
٢ ـ أن يكون بين الجملتين تباين تام ، وذلك بأن يختلفا خبرا وإنشاء ، أو بألا تكون بينهما أي مناسبة معنوية. وفي هاتين الحالتين يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «كمال الانقطاع».
٣ ـ أن تكون الجملة الثانية جوابا عن سؤال يفهم من الأولى.
وفي هذه الحالة يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «شبه كمال الاتصال».