فضل داخل في باب الهذر والخطل ، وهما من أعظم أدواء الكلام ، وفيهما دلالة على بلادة صاحب الصناعة (١)». وفي هذا الرأي نظر إلى رأي الجاحظ السابق وتأثر به.
أما ابن رشيق فلم يورد للإيجاز تعريفا خاصا مكتفيا في ذلك بتعريف الرماني (٢) له وتقسيمه. أما تعريفه فقد قال ابن رشيق نقلا عن الرماني : «الإيجاز هو العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف».
أما عن تقسيمه فقد قال ابن رشيق : «الإيجاز عند الرماني على ضربين : مطابق لفظه لمعناه لا يزيد عليه ولا ينقص عنه ، كقولك : «سل أهل القرية» ، وضرب آخر يسمونه «الاكتفاء» ، وفيه يحذفون بعض الكلام لدلالة الباقي على الذاهب ، كقولهم : «لو رأيت عليا بين الصفين» ، أي : «لرأيت أمرا عظيما». ويعلق ابن رشيق على هذا الضرب من الإيجاز بقوله :
«وإنما كان هذا معدودا من أنواع البلاغة لأن نفس السامع تتسع في الظن والحساب ، وكل معلوم فهو هين لكونه محصورا (٣)».
* * *
كذلك عرض ضياء الدين بن الأثير في كتابه «المثل السائر» للإيجاز فعرفه وقسمه وفصل القول فيه تفصيلا حسنا مع الإكثار من الأمثلة والشواهد.
وقد عرف ابن الأثير الإيجاز مرة بقوله : «الإيجاز حذف زيادات الألفاظ» ومرة أخرى بقوله : «الإيجاز دلالة اللفظ على المعنى من غير أن يزيد عليه».
كما قسمه إلى إيجاز بالحذف وإيجاز بدون الحذف. أما الإيجاز بالحذف
__________________
(١) كتاب الصناعتين ص ١٧٣. وقصور البلاغة إلى الحقيقة : ردّها إلى الحقيقة.
(٢) الرماني : هو علي بن عيسى الرماني المتوفى سنة ٣٨٦ ه ، وصاحب كتاب «النكت في إعجاز القرآن».
(٣) كتاب العمدة ج ١ ص ٢٢١ ـ ٢٢٢.