ولو كان ذلك الاعتقاد خطأ في الواقع ، وكذلك يكون الخبر عنده كاذبا بشرط عدم مطابقته لاعتقاد المخبر ، حتى ولو كان ذلك الاعتقاد صوابا في الواقع.
وتبعا لرأي «النّظام» هذا يكون قول القائل : البحر ماؤه عذب ـ معتقدا ذلك ـ صدق ، ويكون قوله : البحر ماؤه ملح ـ غير معتقد ذلك ـ كذب.
وهذا الرأي قد بني على أساس أن من اعتقد أمرا فأخبر به ، ثم تبين له أنه مخالف أو غير مطابق للواقع لا يعد كاذبا ، وإنما يعد مخطئا. وقد روي عن عائشة أنها قالت فيمن شأنه كذلك : «ما كذب ولكن وهم» ، أي أخطأ.
* * *
ثم جاء «الجاحظ» بعد أستاذه «النظام» ولم يقف بالخبر عند حد الصدق والكذب. فهو ينكر انحصار الخبر في الصدق والكذب ، ويزعم أن الخبر ثلاثة أقسام : صادق ، وكاذب ، وغير صادق ولا كاذب.
فالخبر الصادق ، في رأي الجاحظ ـ هو المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق. والخبر الكاذب عنده هو الذي لا يطابق الواقع ، مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.
أما الخبر الذي ليس بصادق ولا كاذب فليس نوعا واحدا ، وإنما هو أربعة أنواع ، وهذه هي :
١ ـ الخبر المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.
٢ ـ الخبر المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلا.
٣ ـ الخبر غير المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق.
٤ ـ الخبر غير المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلا.
ومن العلماء الأوائل الذين عرضوا لموضوع الخبر أيضا ابن قتيبة الدينوري في كتابه «أدب الكاتب» ، وذلك إذ يقول : «والكلام أربعة : أمر ،