وخبر ، واستخبار ، ورغبة ، ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب ، وهي الأمر والاستخبار والرغبة ، وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر» (١).
ومن أولئك العلماء قدامة بن جعفر ، ففي كتابه «نقد النثر» يعرف الخبر بقوله : «والخبر كل قول أفدت به مستمعه ما لم يكن عنده ، كقولك قام زيد ، فقد أفدته العلم بقيامه. ومنه ما يأتي بعد سؤال فيسمى «جوابا» كقولك في جواب من سألك : ما رأيك في كذا؟ فتقول : رأيي كذا. وهذا يجوز أن يكون ابتداء منك فيكون خبرا ، فإذا أتى بعد سؤال كان جوابا كما قلنا» (٢).
وإتماما لمفهوم الخبر عند قدامة يقول : «وليس في صنوف القول وفنونه ما يقع فيه الصدق والكذب غير الخبر والجواب. إلا أن «الصدق والكذب يستعملان في الخبر ، ويستعمل مكانهما في الجواب «الخطأ والصواب» ، والمعنى واحد ، وإن فرق اللفظ بينهما ، وكذلك يستعمل في الاعتقاد موضع الصدق والكذب «الحق والباطل» والمعنى قريب من قريب» (٣).
ويمكن تلخيص مفهوم الخبر عند قدامة بن جعفر على الوجه التالي :
١ ـ الخبر بصفة عامة أو أيا كان نوعه هو كل قول يستفيد منه الخبر به علما بشيء لم يكن معلوما له عند إلقاء القول عليه.
٢ ـ والخبر بصفة خاصة هو ما يبتدىء به المخبر به ، أو ما يلقيه على مستمعه ابتداء ، بقصد إعلامه بشيء يجهله أو لا يعرفه. وهذا النوع من الخبر عنده هو ما يحتمل الصدق والكذب. فإذا حصل الاعتقاد في صدق هذا الخبر فهو «الحق» ، وإذا حصل الاعتقاد في كذبه فهو «الباطل».
٣ ـ والخبر الجوابي أو الجواب الذي يعده قدامة قسيم الخبر هو ما يأتي بعد
__________________
(١) انظر أدب الكاتب على هامش كتاب المثل السائر ص ٤.
(٢) كتاب نقد النثر ص ٤٤.
(٣) نفس المرجع ص ٤٥.