سؤال ، أو ما يأتي جوابا على سؤال. وهذا النوع من الخبر يحتمل الصدق والكذب ، فإذا حصل الاعتقاد في صدقه فهو «الصواب» وإذا حصل الاعتقاد في كذبه فهو «الخطأ».
وما من شك في أن قدامة قد تأثر في مفهومه للخبر بمفهومه عند النظام والجاحظ ، وإن كان هو قد طوّر هذا المفهوم وزاد عليه.
ومفهوم الكذب والصدق عند قدامة قد عبر عنه بقوله : «والكذب إثبات شيء لشيء لا يستحقه ، أو نفي شيء عن شيء يستحقه ، والصدق ضد ذلك ، وهو إثبات شيء لشيء يستحقه ، أو نفي شيء عن شيء لا يستحقه» (١).
* * *
وممن عالج موضوع الخبر كذلك ابن فارس في كتابه «الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها».
وابن فارس هذا هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب المشهور بابن فارس ، المتوفى سنة ٣٩٥ للهجرة.
وهو من أكثر علماء القرن الرابع الهجري تأليفا وتصنيفا. فقد ألف وصنف أربعة وأربعين كتابا في الفقه والتفسير والسير والأدب واللغة والنحو وفقه اللغة.
ومع غزارة إنتاجه العلمي وتنوعه ، فإنه ، كما يبدو من بعض أشعاره ، كان يحيا حياة شظف وعزلة ، كقوله :
وقالوا : كيف حالك؟ قلت : خير |
|
تقضّى حاجة وتفوت حاج |
إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا : |
|
عسى يوما يكون لها انفراج |
نديمي هرّتي ، وأنيس نفسي |
|
دفاتر لي ومعشوقي. السّراج |
وكتابه «الصاحبي» هو من آخر ما ألف فقد كتبه قبل وفاته بثلاثة
__________________
(١) كتاب نقد النثر ص ٤٧.