تلك أهم المعاني التي يتحملها لفظ الأمر ويخرج عن معناه الأصليّ للدلالة عليها ، ولكن ابن فارس قد ذكر في كتابه الصاحبي بعض معان أخرى يتحملها لفظ الأمر وإن كانت قليلة الاستعمال ، وفيما يلي إشارة إليها :
١ ـ التكوين : ويسميها بعض البلاغيين «التسخير» ، وذلك حيث يكون المأمور مسخرا منقادا لما أمر به ، نحو قوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ،) أي صاغرين مطرودين ، فما أمروا به ، وهو أن يكونوا قردة ، لم يكن في مقدورهم أن يفعلوه ولكنهم وجدوا قدرة الله قد تسلطت عليهم فحولتهم من أناسيّ إلى قردة دون أن يكون لهم يد فيما حلّ بهم. وذلك هو معنى التكوين والتسخير.
٢ ـ التلهيف أو التحسير : كقول القائل : «مت بغيظك ، ومت بدائك» ونحو قوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ،) وكما قال جرير :
موتوا من الغيظ غمّا في جزيرتكم |
|
لن تقطعوا بطن واد دونه مضر |
٣ ـ التعجب : نحو قوله جل ثناؤه : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ).
وقول الشاعر :
أحسس بها خلّة لو أنها صدقت |
|
موعودها ، ولو أنّ النصح مقبول |
٤ ـ الندب : بأن تكون صيغة الفعل أمرا ومعناه الندب ، بمعنى أن المخاطب في حل من فعله أو عدم فعله ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ).
وقول شاعر : «فقلت لراعيها انتشر وتبقّل (١)».
٥ ـ التسليم : حيث يكون اللفظ أمرا والمعنى تسليم وتفويض بأن يصنع ما يشاء ، نحو قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) أي اصنع ما أنت
__________________
(١) تبقل : التمس البقل للماشية واطلبه. والبقل من النبات «بفتح الباء وسكون القاف» : ما ينبت في بزره ولا ينبت في أرومة ثابتة.