بيروت إثر ظهور المسيحيّة
كانت صور أوّل مدينة فينيقيّة اعتنق بعض أهلها الدين المسيحيّ في عصر يسوع ، وقامت فيها جالية مسيحيّة في عهد بولس الرسول. وتابعت المسيحيّة انتشارها شمالا رغم مقاومة الأباطرة الرومان ، وقد جاء في تقاليد قديمة أنّ السيّد المسيح قد دخل بيروت لمّا كان متجوّلا لبشارة الإنجيل في تخوم صور وصيدا ، ولكنّ هذا التقليد ليس ثابتا. بيد أنّه ليس من شكّ في أنّ الرسل قد مرّوا ببيروت مرارا في غضون أسفارهم ونشروا فيها الدين السماويّ ، ولا سيّما بطرس وبولس ، ذلك أنّ المبشّرين الأول كانوا يمرّون في بيروت عند مجيئهم إلى أنطاكية أو عند رجوعهم منها إلى أورشليم. ويخبرنا التاريخ عن عدد من الطلّاب الوثنيّين الذين كانوا يحضرون مدارس بيروت ، لا سيّما مدرسة الفنون عند منصرم القرن الثالث ، غير أنّهم تنصّروا في بيروت واستشهدوا مع من استشهد من المسيحيّين أثناء الاضطهاد الكبير الذي قام به ديوكليشان ومكسيميان سنة ٣٠٣ ، غير أنّ بيروت قد أصبحت في منتصف القرن الرابع م. ، ولمّا حدث فيها زلزال سنة ٣٤٩ شعر بعض السكّان الذين لم يكونوا قد اعتنقوا المسيحيّة بعد أنّها غضبة من السماء حلّت عليهم ، فرجعوا عن وثنيّتهم واعتنقوا الدين المسيحيّ ، وفي القرن الرابع أصبحت بيروت مقرّا أسقفيّا. وورد في أعمال القديس كوراتوس الذي يذكره بولس في رسالته إلى الرومانيّين (١٦ : ٢٣) أنّه أوّل أسقف أقيم على بيروت وأنّه كان من عداد التلامذة الإثنين والسبعين. ومن شهداء المسيحيّة في بيروت أبيانوس الذي درّس الفقه في معهدها. والقدّيسان يوحنّا وأركاديوس. ومنهم أيضا القديس رومانوس الشماس. وممن ورد ذكرهم في عدد شهداء المدينة يهوذا الرسول ، ومريانا البيروتية الشهيدة التي كان لها في المدينة عبادة خاصة. وجاء في تاريخ البطريرك ساويرس أن بيروت كانت