وفي عهد الإمارة الشهابيّة بدءا من العام ١٦٩٧ ، كان الشهابيّون يتولّون حكم المدينة ، ويدفعون عنها الخراج إلى عمّال الدولة في صيدا. فقد تولّى الأمير بشير الأوّل على المدينة ١٧٠٠ ـ ١٧٠٧ وكانت كقرية مهملة حينذاك ، ثمّ الأمير حيدر الشهابي ١٧٠٧ ـ ١٧٣٠ ، فالأمير ملحم سنة ١٧٤٩ ، وتوطّن أمراء شهابيون بيروت منذ ذلك الحين حتّى عهد الجزار. وقد حكم الأمير يوسف الشهابي من سنة ١٧٧٠ إلى سنة ١٧٨٨ من ظاهر طرابلس إلى ظاهر صيدا ، وكانت بيروت داخلة في حكمه ، وشدّت الدولة أزر هذا الأمير واستنصرته على ظاهر العمر الذي خرج عليها في عكّا ، فانتصر لها الأمير. واستعان العمر بمراكب الروس الذين كانوا في حالة حرب مع الدولة العثمانيّة ، فحاصرت المراكب المدينة وضربتها ، وهدّمت قسما منها ، ثمّ رجعت عنها بجزية. ثمّ اضطرّ الإمير إلى تسليم المدينة للجزار مع حامية من قبل نائب الشام تعاونه على صدّ غارات العدوّ. وكان الجزّار رجلا بشناقيّا هرب من وجه سيّده في مصر فأجاره الأمير سنة ١٧٧١ وكانت له عليه اليد البيضاء ، ولكنّه غدر بالأمير يوم اشتدّ ساعده وسلبه حكم بيروت بعد أن سوّرها وهيّأ آلات الحرب للحصار فيها ، ثم خرج على وليّه الأمير يوسف مستأثرا بالحكم في المدينة ، فاستعان عليه الأمير بظاهر العمر ، وبمراكب الروس التي عاودت حصار المدينة مدة أربعة أشهر ، وضيّقت عليها وقذفتها بستة آلاف قنبلة دفعة واحدة ، هدمت قسما من حصونها ، واصابتها بضرر جسيم. وعادت المدينة لحكم الأمير بعد أن خرج منها الجزّار مرغما. ولكن سرعان ما اشتهر أمر الجزار هذا في الولايات المجاورة ، وصار له شأنه ، فتولّى الحكم على عكّا وصيدا ودمشق ، واستلم مدينة بيروت من جديد سنة ١٧٧١ فحصّنها واخرج الأجانب منها ، وهدّم دور الشهابيّين فيها ، وابتنى بحجارتها الأسوار ، ونصب فيها حامية ، وأقام عليها متسلّما من قبله. وإذ كان