إنتشار عبادة البعل في مصر ، وتشييد المعابد في لبنان على الطراز المصري ، والتعبّد فيها بطقوس شبيهة بالطقوس المصرية. ولمّا دخل اليونان فينيقية وتملّكوا بيروت ، سمحوا للخاضعين لأمرهم بحفظ دينهم ، ثم مزجوا بين آلهتهم وآلهة الفينيقيّين وكسوها بمسحة يونانيّة. وجرى الرومان مجرى اليونان في إحترام شعائر أهل بيروت عند ما استولوا على مدينتهم سنة ٦٤ قبل المسيح ، وسمّوا آلهة الفينيقيّين باسماء رومانيّة ، فدعوا البعل باسم" جوبيتير" وعشتروت الزهرة باسم" فينوس" ، وبنوا في بيروت القصور الجميلة والمعابد الفخمة. وكان المعبد مكرّما من قبل الفينيقيّين والرومان على السواء. وممّا ذكره المؤرّخون عن تلك المعابد والقصور أنّها نافست في بهائها ورونقها معابد وقصور روما. وقد جرت عادة أهل ذلك العصر أن يختاروا مشارف الجبال ذات المناظر الجميلة ليبنوا عليها المعابد ، فأقام البيروتيّون لآلهتهم معبدا في الجبل المشرف على مدينتهم في دير القلعة بجوار بيت مري ، وهو هيكل" بعل مرقد" ، وصاروا يقصدون إليه لتقديم الضحايا والقرابين. ويبدو من النقوش الأثريّة التي عثر عليها في هذا المعبد الفخم أنّه لم يكن مكرّسا لعبادة" بعل بريت" فحسب بل جعل" بانتيون" البيروتيين ، أي مجمعا لآلهتهم ، وصار مشتركا بين الرومان والوطنيّين ، ومكرّسا لعبادة جميع الآلهة (راجع : دير القلعة). واستمرّت الديانة الفينيقيّة شائعة ألاف السنين ، وظلّت الطقوس والعادات الوثنيّة متأصّلة تأصّلا عميقا في البيروتيّين حتّى ظهر الدين المسيحي ، فناهض دعاته عبادة الأوثان وتحمّلوا من أجل القضاء على دين الشرك ضروب الإضطهادات إلى أن تمّ لهم الفوز على الوثنيّة في القرنين الرابع والخامس ، إذ حوّل الروم البيزنطيّون هياكل الوثنيّين إلى كنائس وأديرة ومزارات مسيحيّة. وممّا يؤسف له أنّ هذه المدينة العريقة قد نكبت بالزلازل مرّات عديدة ، ونشب فيها الحريق الذي