أنّ الأتراك قد استخدموا أشجارها وقودا لتسيير القطارات. وذكرت دراسات أنّ مساحة الحرج كانت ١٢ ميلا مربّعا ، فتراجعت سنة ١٦٣٢ إلى ميل واحد. وقد يكون فخر الدين قد سعى إلى صيانتها وتوسيعها فنسب خطأ إليه أمر غرسها من الأساس ، ذلك أنّ المرحلة الأكثر اخضرارا في تاريخ الغابة كانت مع هذا الأمير الذي خصّها بعنايته بعدما قرّر جعل بيروت مقرّا لإدارته ، وانتدب لتشجيرها وتحسينها أحد المهندسين الإيطاليّين لتكون منتزها جميلا. وقد وصف الشاعر الفرنسي لامرتين غابة صنوبر بيروت بقوله : رأيت من هذه الغابة منظرا يبهر النظر ويخلب اللّب. فإنّ جذورها تبلغ بين ستّين وثمانين قدما ، وهي تحلّق في الجوّ منتصبة فتمدّ ، من عل ، أفنانها الباسقة ، وتظلّل بظلّها الوارف ذلك السهل بسعته. وترى بين الجذور فسحة من الرمل الناعم تمرّ في وسطه السابلة وتتجارى فيه خيل الرهان ... وكل هذه المشاهد البهيّة يحفّ بها في الأفق بقاع مخصبة ويشرف عليها جبل لبنان ذو القمم البهية الشاهقة ، يزيّن منعطفه عدد وافر من القرى والضياع الجميلة المنظر. وترى مع ذلك للشمس نورا ساطعا يروق العين ويمكنها من رؤية أدقّ محاسن لبنان ... فلعمر الحق أنّ هذه الغابة أجمل وابدع ما وقعت عليه أبصاري في حياتي جمعاء. لكنّ هذا الحرج دفع غاليا ضريبة الحرب الذي عصفت بلبنان في الربع الأخير من القرن العشرين ، إذ قطعت منه أشجار عمرها أكثر من مائتي عام ، وإبّان الإجتياح الإسرائيلي طاوله القصف الجوّي والبرّي وأصاب أشجاره بخسائر فادحة بلغت نحو تسعين في المئة بحسب تقرير دائرة الحدائق في بيروت. أمّا اليوم فالاخضرار عاد إليه بعدما عزّز بشتول جديدة نصبت إلى جانب شقيقاتها الشامخات ، وتتوسّط الحرج واحة مزروعة نخيلا إضافة إلى مساحات من النّباتات المتنوّعة. وحتّى مطلع ١٩٩٩ أصبح الحرج يضمّ ٤٠ ألف شجرة صنوبر تتوزّع على مساحة ٣٠٠