الزّلزال لا بالنّظر إلى زمن قصّ ذلك علينا ولها معنيان : الأول بمعنى «إلى أن» نحو «أنا أسير حتى تطلع الشّمس». ونحو : (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(١).
والثاني : بمعنى «كي» التّعليليّة نحو : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ)(٢) وقولك : «اتّق الله حتى تدخل الجنّة». فكلّ ما اعتوره واحد من هذين المعنيين فالنّصب له لازم. وعلى كلّ فالمضارع بعدها منصوب بأن مضمرة وجوبا وأن وما بعدها في تأويل المصدر في محلّ جرّ بحتّى.
حتى : التي يرتفع المضارع بعدها : يرتفع المضارع بعد «حتّى» بثلاثة شروط :
الأوّل : أن يكون حالا (٣) أو مؤوّلا بالحال نحو «مرض زيد حتّى لا يرجونه».
الثاني : أن يكون مسببا عمّا قبلها فلا يجوز «سرت حتّى تطلع الشمس» بضمّ العين من تطلع والنصب واجب.
الثالث : أن يكون فضلة فلا يصحّ الرفع في نحو «سيري حتّى أدخلها» ويصحّ في نحو «سيري أمس حتّى أدخلها» بضم اللام.
ويقول سيبويه : واعلم أنّ «حتّى» تنصب على وجهين : أحدهما : أن تجعل الدّخول غاية لمسيرك ، وذلك قولك : «سرت حتى أدخلها» كأنك قلت : «سرت إلى أن أدخلها» فالفعل إذا كان غاية نصب ، والاسم إذا كان غاية جرّ ، والمراد النّصب بأن المضمرة بعد حتى ، واعلم أنّ «حتّى» يرفع الفعل بعدها على وجهين : تقول : «سرت حتّى أدخلها» تعني أنّه كان دخولك دخولا متّصلا بالسير ، كاتّصاله بالفاء إذا قلت : «سرت فأدخلها» فالدخول متصل بالسّير كاتّصاله بالفاء ، فكأنه يقول : سرت فإذا أنا في حال دخول ، والوجه الآخر : أن يكون الدّخول وما أشبهه الآن ـ أي في الحال ـ تقول في ذلك «لقد سرت حتّى أدخلها ما أمنع» أي حتّى أني الآن أدخلها كيفما شئت ، ومثل ذلك قولهم : «لقد مرض حتى لا يرجونه» قال الفرزدق :
فيا عجبا حتّى كليب تسبّني |
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع |
فحتى هنا كحرف من حروف الابتداء ، ومثل ذلك : «شربت حتّى يجيء البعير يجرّ بطنه» شربت : يعني الإبل ، ومثل ذلك قول حسّان بن ثابت :
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم |
لا يسألون عن السّواد المقبل |
ويكون العمل بعد حتّى من اثنين ، وذلك قولك : «سرت حتّى يدخلها زيد» إذا كان دخول زيد لم يؤدّه سيرك ، ولم
__________________
(١) الآية «٩١» من سورة طه «٢٠».
(٢) الآية «٢١٧» من سورة البقرة «٢».
(٣) أي لا مستقبلا.