«استكتمته الحديث : إذا سألته كتمانه». إذا الظّرفيّة ـ هي ظرف للمستقبل مضمّن معنى الشّرط ، فهي لذلك محتاجة إلى فعل شرط يضاف إليها وجواب للشّرط ، وتختصّ بالدّخول على الجملة الفعليّة ، ويكون الفعل بعدها ماضيا كثيرا ، ومضارعا دون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب :
والنّفس راغبة إذا رغّبتها |
وإذا تردّ إلى قليل تقنع |
وإن دخلت «إذا» الظّرفية في الظاهر على الاسم في نحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(١). فإنّما دخلت حقيقة على الفعل لأنّ السماء فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده. ولا تعمل «إذا» الجزم إلّا في الشّعر للضّرورة كقول عبد القيس بن خفاف :
استغن ما أغناك ربّك بالغنى |
وإذا تصبك خصاصة فتجمّل (٢) |
وإنّما منعت من الجزم لأنها مؤقّتة ، وحروف الجزم مبهمة ، وتفيد «إذا» تحقّق الوقوع فإذا قال تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) فانشقاقها واقع لا محالة بخلاف «إن» فإنّها تفيد الظّنّ والتّوقّع.
إذا الفجائية تختصّ بالجمل الاسميّة ولا تحتاج إلى جواب ، ولا تقع في ابتداء الكلام ، ومعناها الحال ، والأرجح أنّها حرف ، نحو قوله تعالى : (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى)(٣).
وتكون جوابا للجزاء كالفاء قال الله عزوجل : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(٤). وتسدّ مسدّ الخبر ، والاسم بعدها مبتدأ ، تقول : «جئتك فإذا أخوك».
التقدير : «جئتك ففاجأني أخوك».
وتقول أيضا : «دخلت الدار فإذا بصديقي حاضر» بصديقي : مبتدأ والباء : حرف جرّ زائد ، وحاضر : خبر.
إذاً : حرف جواب وجزاء ، والصحيح أنها بسيطة غير مركّبة من إذ وأن وهي بنفسها النّاصبة للمضارع بشروط :
١ ـ تصديرها.
٢ ـ واستقبال المضارع.
٣ ـ واتّصالها به ، أو انفصالها بالقسم أو بلا النافية ، يقال : آتيك ، فتقول :
«إذا أكرمك» فلو قلت : «أنا إذا» لقلت «أكرمك» بالرفع لفوات التّصدير.
يقول المبرّد : واعلم أنّها إذا وقعت
__________________
(١) الآية «١» من سورة الانشقاق «٨٤».
(٢) الخصاصة : الحاجة.
(٣) الآية «٢٠» من سورة طه «٢٠».
(٤) الآية «٣٦» من سورة الروم «٣٠».