أو قلت : «اعندك زيد أم عمرو» كان جائزا كذلك. ومن هذا الباب قوله : «ما أدري أخالدا لقيت أم بكرا» «وسواء عليّ أبشرا كلّمت أم عمرا» كما تقول : ما أبالي أيّهما لقيت. ومثل ذلك : «ما أدري أزيد ثمّ أم عمرو» و «ليت شعري أزيد ثمّ أم عامر». وتقول : «أضربت زيدا أم قتلته» فالبدء ههنا بالفعل أحسن لأنك إنما تسأل عن الضّرب والقتل ومثله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(١).
أم المنقطعة :
هي بمعنى «بل» ولم يريدوا بذلك أنّ ما بعد «أم» محقّق ، كما يكون ما بعد «بل» محقّقا ، وإنما أرادوا أنّ أم المنقطعة استفهام مستأنف بعد كلام يتقدّمها ، تقول : «أحسن عندك أم عندك حسين». وتقع أم المنقطعة بين جملتين مستقلتين يقول الرجل : «إنّها لإبل أم شاء يا قوم» أي أم هي شاء ، وبمنزلة أم ههنا قوله تعالى : (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)(٢) أي بل يقولون افتراه. ومثل ذلك : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ)(٣). كأنّ فرعون يقول : أفلا تبصرون أم أنتم بصراء.
ومن ذلك أيضا : «أعندك عبد الله أم لا». ومثل ذلك قول الأخطل :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
غلس الظّلام من الرّباب خيالا (٤) |
ويجوز في الشعر أن يريد بكذبتك الاستفهام ويحذف الألف والدليل على ذلك وجود أم.
أما الاستفتاحيّة :
بفتح ما ، وهي التي تكثر قبل القسم ، وهي كلمة واحدة ، كقول أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى وأضحك والذي |
أمات وأحيا والذي أمره الأمر |
أما بمعنى حقا :
هما كلمتان : الهمزة للاستفهام ، و «ما» بمعنى شيء ، وذلك الشيء «حقّ» ، فمعنى «أما» : «أحقّا» و «أما» هذه تفتح «أنّ» بعدها ، كما تفتح بعد حقّا وإعرابها : الهمزة للاستفهام ، وموضع «ما»
__________________
(١) الآية «٦» من سورة البقرة «٢».
(٢) الآية «١ ـ ٢» من سورة السجدة «٣٢».
(٣) الآية «٥١ ـ ٥٢» من سورة الزخرف «٤٣».
(٤) كذبت عينك : خيل إليك ، ثم رجع فقال : أم رأيت بواسط خيالا وواسط : مكان بين البصرة والكوفة.