سنة خمس وثمانين ومائتين ، سماعه من عبيد بن كثير أبي سعد العامري ،
__________________
خلافة بني العبّاس ، وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين ، واستمرّ الأمر ، فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقرّبا إليهم أحاديث لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم ، وتصحيح أعمالهم الباطلة ، وتقوية مواقعهم بين العامّة ، وممّا أخذه العبّاسيّون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينيّة هذه البشائر الواردة في المهدي عليهالسلام.
فإذن لا بعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد الله المنصور العبّاسي الملقّب بالمهدي ، أو تأييد دعوة محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقّب بالنفس الزكيّة ـ رضياللهعنهم ـ وهذا الاحتمال عندي قريب جدا ، وقد ذكر بعض المؤرّخين (كصاحب الفخري في الآداب السلطانية والدول الاسلاميّة) أنّ عبد الله المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أنّ ابنه محمّدا هو المهديّ الّذي بشّر به ، وأنّه يروي هذه الزيادة : «اسم أبيه اسم أبي» ، وأنّ الصادق عليهالسلام قال لأبيه عبد الله المحض : إنّ ابنه لا ينالها ، فكيف كان ، لا اعتبار بهذه الزيادة سيّما في قبال الأخبار المتواترة القطعيّة المذكورة في كتب الأصحاب. هذا ، وقد ذكروا وجوها للجمع بين هذه الزيادة والأخبار المذكورة.
الأوّل : ما في كتاب «البيان» للكنجي الشافعي وهو احتمال التصحيف ، وأنّ الصادر منه صلىاللهعليهوآله : «واسم أبيه اسم ابني» يعني الحسن عليهالسلام ، فإنّ تعبيره صلىاللهعليهوآله عنه بابني وعنه وعن أخيه الحسين بابناي في نهاية الكثرة ، فتوهّم فيه الراوي فصحّف ابني بأبي ، ويؤيّد هذا الاحتمال الحديث المروي في البحار ج ٥١ ص ٦٧.
الثاني : ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي ، قال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول» : لا بدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض : الأوّل : إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى وقد نطق القرآن بذلك ، فقال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) ، وقال تعالى حكاية عن يوسف : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) ، ونطق بذلك النبي في حديث الإسراء ، انه قال : «قلت : من هذا؟ قال : أبوك إبراهيم» ، فعلم أنّ لفظة الأب تطلق على الجدّ وإن علا ، فهذا أحد الأمرين.
الثاني : إنّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ، ووردت في الأحاديث حتّى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم ،