رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليهالسلام ، فإذا أنا بالواعية في داره ، وإذا به على المغتسل ، وإذا أنا بجعفر بن عليّ أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّونه ، فقلت في نفسي : إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة ، لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور ، فتقدّمت فعزّيت وهنّيت ، فلم يسألني عن شيء ، ثمّ خرج عقيد ، فقال : يا سيّدي! قد كفّن أخوك فقم وصلّ عليه ، فدخل جعفر بن عليّ والشيعة من حوله يقدمهم السمّان والحسن بن عليّ قتيل المعتصم المعروف بسلمة ، فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليّ صلوات الله عليه على نعشه مكفّنا ، فتقدّم جعفر بن عليّ ليصلّي على أخيه ، فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة ، بشعرة قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ برداء جعفر بن عليّ ، وقال : تأخّر يا عمّ! فأنا أحقّ بالصلاة على أبي ، فتأخّر جعفر ، وقد اربدّ وجهه واصفرّ ، فتقدّم الصبيّ وصلّى عليه ، ودفن إلى جانب قبر أبيه عليهماالسلام ، ثمّ قال : يا بصريّ! هات جوابات الكتب الّتي معك ، فدفعتها إليه ، فقلت في نفسي : هذه بيّنتان ، بقي الهميان ، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر ، فقال له حاجز الوشّاء : يا سيّدي! من الصبيّ لنقيم الحجّة عليه؟ فقال : والله ما رأيته قط ولا أعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قمّ فسألوا عن الحسن بن علي عليهماالسلام ، فعرفوا موته فقالوا : فمن [نعزّي]؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي ، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه ، وقالوا : إنّ معنا كتبا ومالا ، فتقول ممّن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول : تريدون منّا أن نعلم الغيب؟ قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان [وفلان] وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطليّة ، فدفعوا إليه الكتب والمال ، وقالوا : الّذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام ، فدخل جعفر بن