المكتّب ، قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري ـ قدّس الله روحه ـ فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي بن محمد السمري! أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية [التامّة ـ خ] ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله عزوجل ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
__________________
ج ٣ ص ١١٢٨ ح ٦ ط مؤسّسة الإمام المهديّ عليهالسلام ؛ البحار : ج ٥١ ص ٣٦٠ و ٣٦١ ب ١٦ ح ٧ ؛ جنّة المأوى المطبوع مع المجلّد ٥٣ من البحار : ص ٣١٨.
أقول : في بعض نسخ كمال الدين وسائر الكتب : «فقد وقعت الغيبة التامّة» ، وفي اصل النسخة المطبوعة من غيبة الشيخ : «وسيأتي لشيعتي» ، وفي الخرائج وجنّة المأوى : «وسيأتي من شيعتي» ، وفي بعض الكتب : «وسيأتي في شيعتي» ، هذا وربّما يقال بأنّ هذا التوقيع بظاهره ينافي الحكايات الكثيرة المتواترة القطعيّة التي لا يمكن احصاؤها لكثرتها ، وتدلّ على وقوع المشاهدة ، وتشرّف البعض بدرك فيض زيارته ومحضره ، وينافي أيضا ما اتّفق الكلّ عليه ظاهرا حتى الصدوق ناقل هذا التوقيع من مشاهدة جماعة كثيرة إيّاه ، وقد ذكروا لرفع التنافي أو الجواب عن هذا الخبر وجوها ، ذكر الستة منها في جنّة المأوى ، منها : ما عن المجلسي في البحار وغيره ، وهو أنّ سياق الخبر يشهد بأنّ المراد من ادّعاء المشاهدة ادّعاؤها مع النيابة والسفارة ، وايصال الأخبار من جانبه الى الشيعة على مثال السفراء في الغيبة الصغرى ، وهذا الوجه قريب جدا ، ومنها : أنّه خبر واحد مرسل ضعيف ، لم يعمل به ناقله وهو الصدوق في الكتاب المذكور ، وأعرض الاصحاب عنه ، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها ، بل من بعضها المتضمّن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره عليهالسلام.
إثبات الهداة : ج ٣ ص ٦٩٣ ف ٣ ب ٣٣ ح ١١٢ مختصرا ؛ الاحتجاج : ج ٢ ص ٤٧٨ طبع بيروت.