" ترك يترك تركا فهو تارك" ، ولا يقولون : " ودع يدع ودعا فهو وادع" ولا" وذر يذر وذرا فهو واذر" وإنما يقولون : " يدع" و" دع" في الأمر ، و" يذر" و" ذر" ؛ لأن الأمر مستقبل أيضا ، وخصّوا المستقبل ؛ لأن الكلام بالمستقبل أكثر منه بالماضي : لأن الاستقبال يصلح لزمانين ، وفعل الأمر مستقبل أيضا ، فكان استعماله فيما كثر أولى ، وقد جاء في الشّعر ماضيا.
قال الشاعر ، وهو أبو الأسود الدؤلي :
ليت شعري عن خليلي ما الذي |
|
غاله في الحبّ حتى ودعه (١) |
وقال سويد أبي كاهل :
فسعى مسعاته في قومه |
|
ثم لم يبلغ ولا عجزا ودع (٢) |
وقد قيل في البيتين جميعا إن" ودع" بمعنى : " ودّع" مخفف من التشديد.
قال سيبويه : " والعوض قولهم : زنادقة ، وزناديق ، وفرازنة وفرازين ، حذفوا الياء وعوضوا الهاء".
قال أبو سعيد : اعلم أن كل اسم على خمسة أحرف ، ورابعها حرف زائد من حروف المدّ واللين ؛ فإنك إذا جمعته جمع التكسير ، فتحت أوّله ، ودخلت ألف الجمع ثالثة ، وكسرت ما بعد ألف الجمع ، وقلبت ذلك الحرف الذي كان رابعا في الواحد ياء ساكنة ، إن كان في الواحد واوا أو ألفا ، وأقررته ياء إن كان في الواحد ياء كقولك في" صندوق" : " صناديق" ، وفي" كرباس" : " كرابيس" وفي" قنديل" : " قناديل". وهذا القياس المطّرد ، وقد أبدلوا من هذه الياء هاء ، فقالوا : " زنديق" و" زنادقة" ، والأصل" زناديق" مثل" قنديل" و" قناديل" ، وقالوا : " فرازنة" و" فرازين" والأصل" فرازين" ؛ لأن الواحد" فرزان" مثل" سرحان" و" سراحين" و" كرباس" و" كرابيس".
قال سيبويه : وقولهم : " أسطاع يسطيع ، إنما هو أطاع يطيع ، زادوا السّين عوضا من ذهاب حركة العين ، وقولهم : اللهم ، حذفوا" يا" وألحقوا الميم عوضا".
قال أبو سعيد : أما قوله أسطاع يسطيع ومصدره إسطاعة ، فإن فيه أربع لغات :
__________________
(١) البيت في ديوانه ص ٣٦ ، واللسان (ودع).
(٢) البيت منسوب لسويد بن أبي كاهل في خزانة الأدب ٣ / ١٢٠ ، واللسان (ودع).